من المعروف أن القطاع المصرفي في أي بلد، هو الذي يقود عجلة النمو الاقتصادي وتنشيط الدورات المالية والاستثمارية، فهو الأساس الذي يمول ويقرض ويشارك في تنفيذ المشاريع التنموية المختلفة، وهو الطرف الذي يفترض أن يوفر السيولة المالية لتنفيذ وإطلاق المشاريع. لكن الأمر أضحى مختلفا بالنسبة للقطاع المصرفي بالدولة خلال العام الماضي، ففي الوقت الذي تقاضت فيه البنوك ما يقارب 80 مليار درهم كفوائد حصلت عليها، لم يتجاوز حجم التمويلات التي قدمتها نحو 20 مليار درهم، وهو مشهد معاكس لما يفترض أن يكون عليه الوضع المطلوب لتعزيز الحراك الاقتصادي، حيث يفترض أن تكون قيمة التسهيلات المقدمة من القطاع المصرفي أكبر من الفوائد، خصوصا أن سداد القروض يتم عبر فترات متوسطة وطويلة الأجل. وفيما يقول بعض المصرفيين إن قيام عدد كبير من الشركات والمستثمرين بتأجيل أو إلغاء مشاريعهم هو السبب في تراجع حجم التمويلات، فمن الواضح أن الحذر لا زال يسيطر على عدد من المؤسسات المصرفية التي عملت على تقليص حجم تمويلاتها بعد الأزمة المالية العالمية، وهو سبب آخر في تراجع حجم التسهيلات. لا يمكن إلقاء اللوم على البنوك والمصارف لتحفظها في منح التسهيلات والقروض وتمويل المشاريع الجديدة، خصوصاً أنه من غير الصواب المقارنة بالوضع الذي كان قبيل الازمة والذي لم يكن طبيعيا، حيث كانت هناك مبالغة في إطلاق المشاريع المختلفة التي رافقت نشاطا استثنائيا على مستوى الدولة، ولكن عودة الثقة لدى المستثمرين والمصرفيين في الوقت الراهن بحاجة إلى عدم المبالغة في الحذر من جانب البنوك والمصارف، وهو السبيل الوحيد لتعزيز النمو والنشاط الاقتصادي مجددا، خصوصا أن أسوأ مراحل الأزمة المالية قد أصبح من الماضي، وتم طيّ أهم الملفات الساخنة بأقل قدر من الخسائر. القطاع المصرفي بالدولة في وضع جيد، فقد حصل على دعم حكومي قوي خلال العامين الأخيرين، وهو ما أسهم في تحقيق قدر جيد من الاستقرار للمؤسسات المصرفية المختلفة، ولكن على تلك المؤسسات ان تعمل على استعادة دورها الطبيعي في دفع عجلة الاقتصاد الوطني نحو الأمام، ولم تعد هناك مبررات كافية للاستمرار في حالة الحذر تلك، في ظل التحسن التدريجي الذي تسجله القطاعات الاقتصادية المختلفة، والتي يتوقع أن تواصل تحسنها خلال الفترة القادمة. hussain.alhamadi@admedia.ae