وكأن القدر يريد أيضاً أن يواسينا، ففي الوقت الذي نعاني فيه من تبعات ما أصاب «أبيض» الكرة في التصفيات الآسيوية للمونديال، وحتى لا تطول «غمامة الحزن»، جاءت سحابة الإنجاز من فرنسا، على صهوة الجواد «خليفة» من اسطبلات الوثبة المملوكة لسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس هيئة الإمارات لسباق الخيل، بعد أن تمكن بقيادة الفارس علي الجهوري، من تحقيق إنجاز ثلاثي في المسابقة الفردية لبطولة أوروبا المفتوحة للقدرة، بحصوله على الميدالية الذهبية وتحطيمه الرقم القياسي الذي ظل صامداً 33 عاماً وتفوقه على 87 فارساً وفارسة من حول العالم شاركوا معه في السباق من بينهم بطلة العالم مرتين، الإسبانية ماريا مرسيدس. قد يرى البعض أن المضمارين مختلفان، وأن كبوة الأبيض لا تمحوها ذهبية القدرة، ولكن لو أنهم هنا، يتابعون كما نتابع، ويرون كيف أن الإنجاز أذهل العالم، وكيف ارتقى إلى درجة الإعجاز في عيون الصحافة العالمية، وكيف أذهلنا فرسان القدرة حول المعمورة، لأيقنوا أن إنجاز اسطبلات الوثبة، يساوي كأس عالم، فهو في دنيا الفروسية كذلك، وحين أنهى الجهوري السباق المؤلف من ست مراحل، طولها 160 كيلومتراً، وضع الإمارات في الصدارة عن استحقاق وجدارة. منذ سنوات عدة، لم أكن بهذا القرب من عالم الفروسية، بالرغم من أنها رياضة ضاربة بجذورها في تاريخنا وموروثنا، وكان حالي كالكثيرين، أختزل الرياضة في كرة القدم، ولكن منذ أن عملت بمجال النقد الرياضي، وقُدر لي السفر أكثر من مرة لتغطية سباقات للخيول حول العالم، أدركت أنهم هناك لا يتوقفون كثيراً حول الكرة، على عكس الكثير من الرياضات الأخرى، كألعاب القوى مثلاً أو السباحة أو الفروسية، فتلك في نظر الكثيرين حول العالم، هي الرياضة الحقيقية، هي التي تبني، وهي التي تمثل لديهم مؤشراً على سلامة الأبدان والعقول. وأذكر أنني منذ أكثر من شهرين، سافرت برفقة بعثة الإمارات إلى هولندا لتغطية إحدى مراحل سباق المهرجان العالمي الذي يرعاه سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، ويطوف العديد من المدن الأوروبية، وهناك رأيت كيف أن الدائرة ليست ضيقة كما نراها وكما نظنها، وأن الخيل في العالم، له مكانته، وسعدت كثيراً وأنا أسمع الخبراء من حول العالم يشيدون بدور الإمارات وبدور سمو الشيخ منصور بصفة خاصة في الارتقاء بالجواد العربي والمحافظة عليه. استمعت إلى أسماء في بلادها أشبه بالأساطير، من هولندا وألمانيا، وإسبانيا، وإنجلترا، وفرنسا، وأميركا، وغيرها، ومن الاتحاد الدولي للخيول العربية الأصيلة «إيفار» ومن منظمات شتى.. كلهم يرددون اسم الإمارات، ويؤكدون أن الخيل العربي حول العالم لن ينسى للإمارات ما فعلته من أجله، وكم كنت سعيداً وفخوراً بما يقولون، حول تلك الجهود التي تتواصل طوال العام، وتحمل رسالة من شقين، الأولى تراثية، تعنى بموروث الأجداد وحضارتنا العربية، والثانية تصدر اسم الإمارات للعالم. إنجازنا أمس الأول، لا يجب أن يمر مرور الكرام، ويمثل علامة على طريق الإنجاز الإماراتي، تضاف إلى الكثير من الإنجازات على صعيد الفروسية بالذات، وكلها مؤشرات على أننا ماضون في الطريق، ولم يثن عزيمتنا كبوة للكرة أو إخفاق لمنتخب. كلمة أخيرة إنجاز «علي» قال للعالم بصوت «جهوري» إن نوافذ الإمارات، مفتوحة على ميادين شتى وإننا اخترنا السير على طريق الإنجاز، وإن تأخر فريق في الحصاد، فلدينا آخرون، يراهنون على منصات التتويج. mohamed.albade@admedia.ae