يتوجه نحو 800 ألف طالب وطالبة اليوم إلى مدارسهم، لبدء دوامهم المدرسي للعام الدراسي الجديد 2011 - 2012، في 1186 مدرسة حكومية وخاصة بمختلف المراحل الدراسية على مستوى الدولة. ناهيك عن طلاب وطالبات مؤسسات التعليم العالي. وقد استنفرت المؤسسات والدوائر كافة ذات الصلة بالعملية التربوية والتعليمية طاقاتها وإمكاناتها ومواردها لهذا اليوم. وفي مقدمة هذه الجهات وزارة التربية والتعليم التي تتحمل العبء الأكبر والمسؤولية الأعظم في حسن إعداد أجيال المستقبل. وكما قلنا من قبل، فقد غمرتنا التصريحات الوردية والكلمات الجميلة الحالمة المتفائلة من كل هذه الجهات والدوائر، حول حسن استعدادها واكتمال ترتيباتها لاستقبال العام الدراسي الجديد. وهو تفاؤل نتفاعل معه ونشارك أصحابه في تمنياتهم وتطلعاتهم بأن يكون عاماً سلس البداية، أيام عمل وجد وتحصيل واستفادة، وختام كل فصل من فصوله توفيق ونجاح وسداد. ولكن ليس بالتمنيات وحدها تتحقق الأهداف المرجوة، فالوصول إليها رهن الإعداد الجيد والخطط المتكاملة المدروسة بدقة وموضوعية من دون استعجال، حتى تؤتي ثمارها. بعيداً عن تجارب حرق المراحل وقطف زهرة من كل بستان، دون اعتبار لخصوصية واحتياجات المجتمع.
حسن الإعداد للعام الدراسي عند البعض مجرد توفير الكتب منذ اليوم الأول، والحافلات المدرسية واكتمال أعمال الصيانة في المدارس، في وقت انهار فيه جزء من سور مدرسة بعجمان وسط تلك التصريحات الوردية. ذلك حسن الإعداد بالنسبة للبعض، من دون أن يتحدثوا في عمق تفاصيل العملية التفاعلية داخل الميدان، وفي البيئة التربوية والتعليمية التي هي رغم أكثر من نصف قرن على دخول التعليم النظامي للدولة، ما زالت بيئة طاردة للمعلم المواطن قبل الطالب.
وفي صورة من صور غياب تحقيق التفاعل الذي نتحدث عنه، طالعنا عشية بدء العام الدراسي الجديد تصريحين من الوزارة ومجلس أبوظبي للتعليم، يؤكدان وجود فجوة لم تردم، وتتعلق بالميول الدراسية للطلاب الذين هم أساس العملية برمتها. فقد أعلنت الوزارة الانتهاء من إعداد برنامج إرشادي لقياس الميول المهنية للطلاب. بينما أعلن مدير المجلس أن 20% من الطلاب فقط يتجهون للدراسة في القسم العلمي، بينما يتجه 80% للقسم الأدبي، مؤكداً تعارض تلك التوجهات مع رؤية أبوظبي 2030 التي تحتاج إلى خريجي التخصصات العلمية بشكل أكبر، وبالذات في المجالات التي تمثل دعامات أساسية من دعائم الاقتصاد الوطني. من دون أن يستوقف أحدا سر هذه الجفوة القائمة بين هذه الغالبية العظمى من الطلاب والمواد العلمية، وفي مقدمتها “أم المعضلات” مادة الرياضيات. وفي صورة أخرى من صور ما يجري في الميدان، أعلنت الوزارة أنها قد تستعين لسد النقص في كادر المعلمين بمدرسين استغنى عنهم المجلس. وكان المجلس قد صرف أعداداً كبيرة من المدرسين، بحجة عدم الكفاءة ومواكبة خططه الجديدة.
ورغم كل هذه الصور مما يجري في الميدان، نتفاءل بعام دراسي جديد، ونسأل الله بأن يوفق فيه أبناءنا وبناتنا للنجاح وقطف نتيجة الجد والاجتهاد، وندعو بالتوفيق لكل من حمل مسؤولية تعليمهم، ويجعل منهم أكفاء قادرين على رفع راية الإمارات في كل محفل مشهود. وكل عام والجميع بخير.


ali.alamodi@admedia.ae