انتهى شهر رمضان، ثم العيد، وجاءت حشرجة المدارس، وما يتبعها من ركض ولهاث باتجاه محال بيع الملابس ومكتبات بيع الأدوات المدرسية، وما يلزمها من أغراض وأعراض وأمراض، وعوارض تدوخ الرأس وترج الأرض رجاً.. الآباء والأمهات مشغولون جداً هذه الأيام بمتطلبات المدارس، ومطالب الأبناء، كل يضع يده على جيبه، ثم قلبه ويشهق ثم يلهج قائلاً يا رب سترك ورضاك ترحم عبادك.. الذين لديهم بنات يقولون مطالب الأولاد أهون، والذين لديهم أولاد يقولون العكس، والذين لديهم أولاد وبنات يقولون لا فرق بين هذه وذاك، إنما الفارق هو الجشع الذي يفتح فاهاً فاغراً، يلتهم الأحياء والأموات، ولا يترك فرصة إلا وينتهزها وفرصة المكتبات المدرسية هذه الأيام سانحة تجعل أربابها يتسيدُون السوق، ويقودون إمبراطورية تجارية مرعبة تفتك بالجيوب وتمزق القلوب، بعبارة “تريد خذ، ما تريد روح” وتظل هذه العبارة ترن في الآذان، حتى تصيب أصحابها بالصمم، لما لها من معاني الإذلال والاستغلال، وكل ما يحيق بالناس من أذى وبخاصة أولئك من ذوي الدخل المحدود والحيل المكدود والجيب المهدود، وعدم القدرة على مواجهة مطالب لا ينتهي طوفانها، وأسعار لا يخمد حريقها وما بين المطالب والحرائق تنكوي أكباد والكل يصيح مدد.. مدد.
فمن الغليان في البيوت، وحالة من الفوران في محال بيع المستلزمات المدرسية، وبعض المدارس طلباتها تعجيزية في الملابس، وفي الدفاتر، تطالب بلبن العصفور في أماكن لا توجد فيها عصافير - فمثلاً مدرسو الرياضة يطلبون من تلاميذهم بنطالاً بلون الماء وقميصاً بلون التراب، وحذاء يمتزج فيه لون الغيم بلون الغبار ثم يؤشرون إلى الطلاب بأن هذه المستلزمات موجودة في المكتبة الفلانية في المكان المعين - لعبة مصالح، وعلاقات عامة تديرها عقليات خلاقة في صنع المعجزات وتحقيق كل ما هو مرعب في حساب الأرقام عند أولياء الأمور الذين لا يملكون الحيلة ولا السبيل غير أنهم يلبون المطالب طائعين خاضعين، لأن الرفض ستكون عواقبه وخيمة وعلى حساب درجات الطالب السنوية، وعلى حساب علاقته بالمدرسة والمدرسين.
أما أولياء الأمور القادرون الميسورون فهؤلاء يزيدون الطين بلة عندما يرحبون بانشراح كل ما يطلب من أبنائهم قائلين “حاضرين، ما عندنا غير هذا الولد.. أو البنت” ما يشجع في ارتفاع حدة المطالب، ومواز له ارتفاع في سقف الأسعار، ومقابل هذا يزداد الضغط على أولئك الذين يخنقهم عسر الحال وضنك الأحوال، ولا يقولون غير اللهم يسر ولا تعسر وفرجها على عبادك.. والكلام موجه إلى صنف من المدارس والكلام لك يا جارة.


marafea@emi.ae