«كل مقال ينضح بما فيه»، ونوايا من يكتبون تصل إلى القارئ، مهما حاولنا أن نواريها، والنية تتضح من ثنايا السطور، فنعلم لماذا يكتب هذا، وماذا يريد؟ غير أن هناك بعض التقارير تحار وأنت تقرأها، وبالرغم من أنها قد تشدك لبعض الوقت، إلا أنك تفرغ منها، وفيك تساؤلات، معظمها يتعلق بماهية تلك التقارير، ونوايا من كتبها، والمعنى «الخفي» الذي ما زال «في بطن الشاعر»، مهما حاول أن يدعي أنه أصاب الهدف. من هذا النوع الأخير، تقرير قرأته أمس الأول لزميل أردني يعمل مذيعاً بإحدى القنوات، أراد أن يشيد فيه بما حققه منتخب بلاده، وحصوله على العلامة الكاملة من مباراتين لعبهما أمام العراق والصين في تصفيات المونديال، فإذا بنا لا نعرف هل يمدح أم يذم، أم أنه مشغول بآخرين غير منتخب بلاده؟ فقد ترك التصفيات وانشغل بـ«البيزات»، وهو يعقد المقارنات بين النشامى وغيرهم، وإمعاناً في المقارنة انتهى إلى أن لاعبي الأردن برواتب الخدم يتصدرون مجموعتهم، وغيرهم برواتب رؤساء دول، يعجزون عن حصد نقطة. واستشهد الزميل بلاعب الإمارات أحمد خليل وما يحصل عليه، ومن السعودية ياسر القحطاني، بينما أحصى مجموعة من لاعبي الأردن، للاستشهاد بتواضع المقابل المادي للاعب الأردني. ولست أدري، لماذا ترك الزميل كل شيء، وانشغل بهذه الزاوية الضيقة، والتي لا علاقة لها بالموضوع؟ فالمال والمقابل ليسا عاملي التوفيق في رحلة أي منتخب، ومقابل من ذكرهم ممن لم يحققوا شيئاً نظير رواتبهم العالية، هناك منتخبات أخرى يحصل لاعبوها على مبالغ خرافية وحصدت نقاطاً، وتتقدم في مشوارها بالتصفيات. أيضاً، وفي الوقت الذي وضع فيه أرقاماً هزيلة للاعبي الأردن، فإن هناك من بينهم من جنى مئات الألوف في أشهر، فعامر ذيب احترف بنادي الإمارات الموسم الماضي لمدة أربعة أشهر فقط مقابل 300 ألف دولار، وحسن عبد الفتاح صاحب الـ «بي إم دبليو موديل 1995» لعب أربعة أشهر الموسم الماضي مع الكويت الكويتي بـ 350 ألف دولار، وشادي أبو هشهش يلعب مع الفتح السعودي الموسم الحالي بـ 300 ألف دولار، وهو ما يعني أن الاحتراف له ثمنه، واللاعبون «أرزاق». كان الأولى بالزميل أن يتحدث عن الإنجاز، وأن يشيد بأهلنا النشامى بدلاً من هذا الخط الذي لم يرضني نفسياً، فأصابني بشيء في نفسي، لا أدري ما هو بالضبط، لكنه على العموم، شيء غير مريح بالمرة، لا سيما أنه امتد من «الرواتب» إلى «السيارات» فالقحطاني يركب «البورش»، وخليل يركب «بينتلي»، ولاعبو الأردن فقط «هوندا» و«بي إم قديمة»، وحتى عندما اجتهدت في أن أعرف المغزى من المقال، تهت بين تفسير أنه لا يعجبه الوضع في الأردن فيريد تعديله وإنصاف اللاعبين، وبين أنه لا يرضيه الوضع هنا وفي السعودية، فيريد تقليص مخصصات اللاعبين. نجوم الكرة في كل العالم محسودون على ما يحصلون عليه، وراتب ميسي مثلاً قد يساوي رواتب 20 رئيس دولة، ولم يفد الأرجنتين ويحصل على أكثر من مليون يورو شهرياً، أي أكثر من 5 ملايين درهم، والكاميروني صامويل إيتو يحصل على راتب سنوي يبلغ 20 مليون يورو صافية، من ناديه الروسي الجديد، وهو مبلغ ربما يوازي اقتصاد المدينة التي ولد فيها بالكاميرون. كلمة أخيرة حتى أنت عزيزي الكاتب.. تحصل على راتب لا يحصل عليه 20 مذيعاً في بلدك الشقيق، ويفوق ما أحصل عليه، بالرغم من أنك تعمل في بلدي، ولم أقل يوماً إلا “الله يزيدك”. mohamed.albade@admedia.ae