نظر في المرآة، بحث عن نفسه، لم يجدها، وجد شخصاً آخر في ثيابه، لا يمت للذي يعرفه بصلة، أجال النظر، باحثاً من جديد عن بقايا منه في ذلك الشبح الذي ينتحل شخصيته، ولكن بلا فائدة، إنه رجل آخر، فيه من القسوة ما يبعث على الخوف، وجه ظالم، أو سفّاح، حاول النفاذ إلى قلبه في المرآة، لم يجده، أو ربما يكون ذلك الجزء المتحجر في صدره، يُهيأ له أنه قلبه، وربما فقد قلبه، فما يرشح من وحشية من ذلك الوجه الساكن في المرآة لا يمكن أن يصدر عن إنسان، ففي المرآة وحش آدمي بثياب أنيقة وياقة حمراء، تفوح منه رائحة هي مزيج من الخطيئة والظلم، على الرغم من أنه يغتسل بأفخر ماركات العطور الباريسية والشرقية، تنفس أكثر ازدادت الرائحة كراهةً، أغلق أنفه بيده، مستغرباً فوح تلك الرائحة وانتشارها في المكان، هل تعكس المرآة الرائحة! أين أنا، من هذا الغريب البادي في المرآة، هو ليس أنا، أو ربما أنا ليس هو، اقترب أكثر وضع عينيه في عينين تقابلانه، عينا المرآة تنضحان بالشرر والشرّ، خاف للوهلة الأولى وعاد لإقناع نفسه بأنه هو ذاته، حدّق من جديد في ما يراه، ليجد من جديد أن من يقابله في المرآة بقايا إنسان، ليس فيه طيبته، ولا رحمته أو رقّته، أو بساطته، أو تواضعه.. أطل في المرآة من جديد ليجد خلفه وجه ملاك ينضح بالعذاب والشقاء، تنبّه وأيقن أنه هو، لقد فقد كل حواسه الإنسانية، ونظر في دموع المرأة التي أطلّت من خلفه والدموع تنسكب على وجنتيها، عرف أنه الظالم المستبد الذي فقد الرحمة، سألها: ما طعم الدموع، قالت: مالح مرّ، وحلو أحياناً! أذيقيني شيئاً من دمع! لن تحس بطعمها، لأنها من قلب.. ذق طعم دمعك، نعم فقدت الدرب؟ هيهات يسقط منك دمع! فأنت بعينين، بلا قلب.. أنت تمثال من شمع.. بلا روح، بلا حب لن ترى، ليس لك سَمْع أحمد محرم: أأفــــــــــاق ظالم نفسه فأنابـــــا ورأى المحجة مخطئٌ فأصابــا إن الــــــذي وســـع الخلائق رحمةً غمر الممالك والشعوب عذابا لما جـــرى في الأرض طوفان الأذى أجرى به الدم والحديد عبابـا والناس إن عمروا الزمـــان بظلمهم تركوا المدائن والبلاد خرابــا Esmaiel.Hasan@admedia.ae