تحل يوم غد ذكرى مرور عشرة أعوام على أبشع هجمات إرهابية شهدتها الإنسانية، عندما هاجم حفنة من الإرهابيين بطائرات مدنية مختطفة أهدافاً مدنية في الولايات المتحدة، ولقي أكثر من ثلاثة آلاف شخص مدني مصرعهم لدى انهيار برجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك ومبنى “ البنتاجون”، وغيرهم من المدنيين الأبرياء الذين كانوا على متن الطائرات التي استخدمت في الهجوم الغادر.
لقد كان ذلك اليوم رمزاً للجنون الدامي الذي عبّر فيه أعداء الحياة عن تعطشهم للدم، وحقدهم على قيم إنسانية قامت عليها حضارات العالم.
وتحل الذكرى العاشرة على ذلك اليوم الأسود، وهي ليست مجرد ذكرى لدم ودموع وآلام تعرض لها شعب صديق، وإنما يمثل هذا اليوم تضامن العالم في وجه نهج أسود حاقد، حاول استغلال دين الرحمة والمودة والتسامح والتعايش، لينفث حقده بين شعوب العالم وحضاراته وثقافاته.
ألمنا نحن في العالم العربي والإسلامي أكبر، ذلك أن تلك العصابة، وهؤلاء النفر خرجوا من بيننا واستغلوا ديننا الإسلامي العظيم لتبرير فعلتهم الشريرة المذمومة، وقد استغل نفر آخر من الطرف الآخر هذا الأمر للترويج والتبرير لممارساته المتطرفة، وقد كانت المذبحة التي جرت في النرويج صورة من صور تداعيات الجنون الذي تفلت في ذلك اليوم المشؤوم منذ نحو عشر سنوات.
لقد أراد البعض أن يجعل من يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001، يوماً فاصلاً لحرب بين الإسلام والغرب، أو العرب والولايات المتحدة، وأطلق شعارات وتساؤلات، ورفع البعض الآخر شعار “من ليس معنا فهو ضدنا” و” لماذا يكرهوننا؟”، ونسي هؤلاء أو تناسوا أن مناطق عدة من عالمنا العربي والإسلامي عانت جنون أعداء الحياة وتعطشهم للدماء، حيث سقط أبرياء في تفجيرات غادرة شهدتها الرياض والخبر والقاهرة وعمان وصنعاء والدار البيضاء وبالي، وغيرها من المناطق، ولئن كانت يد العدالة قد طالت أولئك المحرضين والممولين للإرهاب والأحقاد، ووصلت إليهم في مخابئهم وكهوفهم التي فروا إليها مذعورين ونالوا ما يستحقون، إلا أن الحاجة لا تزال قائمة للتصدي للتطرف ومكافحة المروجين له والمنفذين لمخططاته الإجرامية في المعسكرين، فالإرهاب بلا وطن أو جنسية، يضرب بحقده الأعمى الحياة والحضارة والتقدم. والعالم بعد مرور عشر سنوات من ذلك اليوم الرهيب، لا يزال مطالباً بتوحيد وتكثيف الجهود على الصعد كافة لمواجهة بؤر الإرهاب والتطرف في مناطق عدة، يستغل أعداء الحياة والإنسانية هشاشة أوضاعها، لينسجوا فيها أوكاراً ينطلقون منها لترويع أبرياء آمنين مستأمنين، دون وزاع أو ضمير، وهم يقتلون ويسفكون الدماء باسم دين سمح عظيم يصون حياة الإنسان ودمه وعرضه وماله. إن التفافنا في خندق واحد ضد أعداء الحياة يعد أمضى وسائل الدحر لما يعتزم أمثال أولئك الذين انطلقوا من الكهوف تحقيقه، وهم يعتقدون أن “غزوتهم” المشؤومة ستمكنهم من اختطاف حضارة الإنسان رهينة لتحقيق مآربهم ونفث أحقادهم، ونشر روائح الموت والخراب في كل مكان. وتحية لأرواح كل الذين سقطوا دفاعاً عن قيم الخير والعدل والتسامح والتعايش والسلام، والخزي لأعداء الحياة.


ali.alamodi@admedia.ae