كانت مباراة العراق وأستراليا أمس مباراة عصيبة بمعنى الكلمة، تلاعبت بأعصابنا من بدايتها حتى نهايتها، وجاءت الخسارة العراقية وخروج البطل من دور الثمانية، ليؤكد واقع الكرة العربية والخليجية منها بالذات، فلم يعد لنا الآن «ناقة ولا جمل» في نصف النهائي، اللهم إلا قطر المنظمة وكلنا ثقة بأنها ستواصل إبهار آسيا حتى النهاية. خرج العراق ليصبح اللقب الذي حصل عليه في 2007 مشاعاً بين أربعة منتخبات ليس من بينها ممثل عربي، وهو اللقب الذي تنازع عليه في البطولة السابقة منتخبان عربيان، هما العراق والسعودية. والحقيقة، ورغم وصول العراق إلى هذه المحطة، إلا أنه لا يمكن الفصل بين ما حدث له وبين خيبة الأمل العربية التي طالت كافة منتخباتنا التي كانت تمثل قرابة نصف فرق البطولة، كما أن المواجهة مع أستراليا كانت المحك الرئيسي والحقيقي للرغبة العراقية في الحفاظ على العرش الآسيوي، خاصة أنها في الدور الأول، نالت خسارة من إيران، وفازت علينا بشق الأنفس وبهدف من صناعتنا، ثم اختتمت مشوارها بالفوز على كوريا الشمالية بهدف في ليلة اختلطت فيها الحسابات و«الحابل بالنابل»، وكان طبيعياً يومها أن تفوز، كما كان طبيعياً أن نتطلع منها إلى عبور أستراليا التي مازلت أرى أنها ورغم فوزها ليست الفريق المهاب، ولكن يبدو أن أسود الرافدين استنفدوا الكثير من طاقتهم في المباريات الثلاث التي خاضوها بالدور الأول، لا سيما المباراة الأخيرة مع كوريا الشمالية، ووضح ذلك بالأمس في الأشواط الإضافية، حين بدا الفريق الشقيق وقد أنهكه اللعب وأضاع الفرص التي لا شك أنهم يبكون الآن على ضياعها الواحدة تلو الأخرى. عموماً، ما حدث قد حدث، وانضم العراق البطل إلى ركب المودعين، ومع أن فريقاً بحجم العراق يعد خروجه من ربع النهائي وداعاً مبكراً، لم نكن ننتظره الآن على الإطلاق، لكنها الكرة التي لم تعد تعترف بتاريخ ولا جغرافيا، وإنما بلغة حديثة، كثيرون منا لا يجيدونها، حتى لو كانوا بارعين على أغلفة الصحف. بقي أن نشيد بالمنتخب الأردني الشقيق، والذي أثبت أن الكرة العربية في القارة الآسيوية مقبلة على حالة من التغيرات، فلم تعد كما كانت، محجوزة لعدد من منتخباتها يصولون ويجولون، تنتظرهم منصات التتويج دوماً، وإنما هناك فرق أخرى تمردت على الواقع وفي ظل إمكانيات محدودة، وصنعت لنفسها مكانة ومكاناً على خريطة الكرة في القارة الصفراء، والخسارة التي مني بها المنتخب الأردني الشقيق أمس الأول أمام أوزبكستان بفارق هدف لا تقلل إطلاقاً من الجهد الذي بذله الجميع، سواء اللاعبون أو مدربهم عدنان حمد أو اتحاد الكرة الذي وضحت لمساته على الفريق. وقد تعجبت كثيراً وأنا أسمع وأقرأ عن واقع اللاعبين في الأردن وما يحصلون عليه، وكيف هي أسعار الصفقات القياسية لديهم، والتي قد تعدل مكافأة مباراة يحصل عليها أحد لاعبي الخليج، فما زالت الكرة هناك فيها الكثير من زمن الهواية، لكنه الزمن الجميل الذي وضع الكرة الأردنية في ربع النهائي، في الوقت الذي غابت فيه منتخبات كبرى، منها من كان ملء سمع وبصر القارة. كلمة أخيرة: ألا ترون أن الخروج العربي جاء «منضبطاً»؟.. ودعنا جميعاً، وفي المشهد الأخير كان البطل. mohamed.albade@admedia.ae