تابعت قبل فترة واقعة اكتشاف مالك عقار في العاصمة، أن شقة في بنايته كانت خالية قد تم تأجيرها من دون علمه، واكتشف ذلك مصادفة عندما أرسل مندوباً عنه ليعرض الشقة على مستأجر جديد، ليفاجأ أن شخصاً قد شغلها منذ أيام وانتقل إليها مع عائلته وأمتعته وأغراضه، ولديه عقد إيجار دفع قيمته مقدماً، قبل أن يكتشف أنه وقع ضحية سمسار حبك نصبه عليه بإحكام، مستغلاً ثغرات في واقع السوق العقارية، ولهفة الرجل للظفر بشقة بالمواصفات التي يطلب، وبالسعر الذي يتناسب مع إمكاناته، وقد خيره المالك بين البقاء في الشقة مقابل دفع الإيجار مرة أخرى أو إخلائها والبحث عن غريمه «السمسار الطائر». وقبل ذلك سمعنا عن «مستثمر الغفلة» الذي اتفق مع مالك عقار على استثمار بناياته بسعر مغرٍ، شرط أن يسدد له دفعات شهرية، ليقوم الأول بعد ذلك بتأجيرها بعقود سنوية، تسلم قيمتها دفعة واحدة وولى الأدبار. واقعتان تشيران لمقدار حاجة السوق العقارية، التي تشهد تراجعاً كبيراً في أسعار الإيجارات، إلى المزيد من الضبط، وبالذات تنقية السوق من ممارسات السماسرة و «الدلالين» الذين تسببوا في تشويه تعاملات هذه السوق التي راهنّا ونراهن على نظام «توثيق» في إعادة الأمور لنصابها الصحيح. فإذا كانت هذه النوعية من سماسرة ودلالي «بسطات» و«دكك» التأجير قد استغلت حقبة معينة من الحقب التي تعاقبت على السوق، فقد حان الوقت للتصحيح، والتخلص من هؤلاء بإعادة الطمأنينة إلى الناس في سوق واعدة بأن من يتعاملون معهم، هم فعلاً أشخاص مرخصون ويتبعون جهات مرخصة ومعتمدة، وهناك قواعد محددة ونسب محددة نظير الخدمات التي يقدمونها، بدلا من «السماسرة الطايرين» الذين لا يتعدى رأسمالهم سيارة وإعلاناً صغيراً في مطبوعات دعائية توزع مجاناً، ويحملون رقم هاتف «واصل» يتغير مع تغير الضحية والظفر بالعمولة. أما بعض مكاتب السمسرة التي يديرها «أجانب» فتلك كما يقولون «تشتغل على الثقيل»، وعمولاتها «أثقل»، وبدل إلقاء نظرة على العين المعروضة للإيجار برفقة شقراء في عز القيظ له ثمن غير عندما يرافقك عربي يشتغل على كل اللهجات، أو آسيوي بإنجليزية مهترئة، وبعض «السماسرة الطايرين» يتبع حيلاً مكشوفة للإيحاء بأن أسعاره المعلنة تعبر عن حالة السوق. أقول إن تلك الممارسات السيئة لنوعية من المكاتب والسماسرة، ألحقت أذى بالسوق العقارية في أبوظبي، نحن في أمس الحاجة لتصحيحها، والعاصمة تشهد تحولات يومية ترسخ من خلالها مكانتها كمركز لاستقطاب الاستثمارات والشركات العالمية، والرهان كما قلنا على نظام «توثيق» الذي جاء تنفيذاً لقرار المجلس التنفيذي رقم 4 للعام الجاري 2011. وعلى الرغم من الحملات الإعلانية والتعريفية التي قامت بها بلدية أبوظبي لتوضيح النظام الجديد للجمهور من ملاك وشركات عقارية وجهات مؤجرة ومستأجرين، إلا أنه لم يتم حتى أواخر الشهر الماضي سوى تسجيل 45 ألف وحدة سكنية وتجارية في نظام «توثيق» بالبلدية، وهو رقم متواضع للغاية قياساً بعشرات الآلاف من الوحدات العقارية في الإمارة، الأمر الذي يستوجب معه تطوير المقاربات الخاصة بتفعيل نظام «توثيق» لتحقيق الغايات المرجوة منه للصالح العام. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae