من الهواجس التي يخشاها أي كاتب أن يكرر نفسه، أو أن يكرر فكرة سبق أن تكلم فيها، والأهم أن ينأى بنفسه عن الكتابة مؤيداً لأمر، سبق أن أكد رفضه، وتحدد ذلك دوماً قناعات الكاتب، التي تقيه بالذات «ورطة» الوقوع في «المطب» الثاني، ولكن ماذا عساه يفعل، إذا ما تكررت أفكاره، تبعاً لتكرار الأحداث، وتطابق مجرياتها بشكل يجعل ما حدث بالأمس، يحدث اليوم. هذا ما جال بخاطري، وأنا أريد أن أكتب عن المنتخب من جديد، فالسيناريو نفسه حدث من قبل، وربما الكلام نفسه قلناه، وبتنا نتشكك في الكلمة قبل أن تخطها أقلامنا، حتى لا يقال إننا «نعيد ونزيد» أو ليس لدينا ما نقوله، ولكن ماذا نفعل إذا كان «الأبيض» لا يمنحنا فرصة التجول بين المشاعر كما نتمنى، ويمنحنا مرات لذة اللعب بالكلمات، وفي عشرات يمنحنا تلك الحيرة التي نحن فيها الآن، أو أنا فيها وحدي، حتى لا أفرض حالتي على غيري. «الأبيض» يلعب اليوم، وليس من الحكمة وربما ليس من الوطنية، سوى أن نشد على يديه، وأن ندعو له بالتوفيق، وأن نقول للاعبين، إنهم وهم وحدهم، المطالبون بتحسين الصورة، إن كانوا يريدون منا أن نعود، ولأملهم أن يظل شمعة لا تنطفئ، وأعتقد أن التحدي اللبناني، جاء في وقته، باعتبار أن المنتخب الشقيق، يبدو اختباراً سهلاً إلى حد ما، يوازي طبيعة الظرف الذي نمر به، فالفريق خرج لتوه من خسارة ثقيلة، ولا ينفعه سوى انتصار، كان سيبدو صعباً جداً لو أن المواجهة مع أي فريق آخر بالمجموعة. ولكن هذه السهولة للمنتخب اللبناني، ليست مبرراً للركون، فحاله لن يكون مثلما كان أمام كوريا حين خسر بالستة، ولن يكون أيضاً مثلما شاهدناه في مباراتنا الودية معاً، كما أن علينا أن ندرك أن هدف ذياب عوانة الذي أحرزه في مرمى الأشقاء في لحظة «عدم تقدير» سيكون دافعاً للأشقاء كي يستميتوا ويؤدوا بكل ما أوتوا من قوة، فالهدف الذي انقسمنا فيه بين قلة مؤيدة وكثيرين معارضين، ليس له مؤيد في لبنان، وإنما الجميع هناك مستعرون منه، وقد يرون في مباراة اليوم مناسبة لرد الدين في مباراة رسمية. المهم، أن على اللاعبين أن يقولوا كلمتهم من التصفيات الآسيوية اليوم، وأن يفصحوا عن نواياهم صراحة لجماهيرهم، ولعل الفارق الزمني البسيط بين المباراة الافتتاحية مع الأزرق ومباراة اليوم، يمثل فرصة طيبة للمصالحة، ولكن على اللاعبين أن يثبتوا أنهم يسعون لتلك المصالحة، وهي مصالحة تتحقق بالعرض قبل النتيجة، وكما قلنا من قبل، نحن في حاجة إلى فريق يقنعنا أكثر من حاجتنا لفريق «يفوز والسلام». ومباراة اليوم، لا شيء نريده منها سوى الفوز؛ لأننا من وضع نفسه في هذه المعضلة، ولأننا الذين نتخلى دوماً عن «ترف الحسابات» ونستنفده في البدايات، ولا يصبح أمامنا سوى أن نقاتل إن كنا نريد الاستمرار.. اليوم وأمام لبنان لا مجال لأن «يكرم المرء أو يهان»، فهو امتحان حاسم.. امتحان للنوايا وللروح قبل النتيجة. كلمة أخيرة: من يطرح المسألة ويكتبها.. عليه أن يحلها محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae