تنفست أكبر الديمقراطيات في العالم الصعداء يوم الاثنين الماضي بعد أن أنهى الناشط انا هزاري إضرابه عن الطعام بعد 13 يوماً من بدئه ذلك الإضراب المفتوح لأجل حث حكومة بلاده على تبني قانون شامل وصارم لمكافحة الفساد في الهند. وقد تم نقله من المكان الذي أعلن منه الإضراب إلى المستشفى ليكون الرجل الذي تجاوز السبعين من عمره تحت الملاحظة وتوفير العناية الطبية له.
وكان عشرات الآلاف من مختلف مكونات المجتمع الهندي قد تدفقوا على متنزه في العاصمة نيودلهي اختاره هزاري ليواصل فيه إضرابه عن الطعام بعد أن غادر سجنه بعد أن أثار اعتقاله موجة من أعمال الشغب والمواجهات في مختلف أنحاء البلد القارة، وتجمع في ذلك المتنزه آلاف الأشخاص وفي مقدمتهم نجوم السينما الهندية ونشطاء حقوقيون لمؤازرة العجوز الذي لقبوه بغاندي الجديد في حربه على الفساد، والذي اعتبر معه استقلال وديمقراطية الهند منقوصين ما لم يتم التصدي بقوة وصرامة وحزم للفساد المستشري هناك.
وتابع الملايين من الشعب الهندي عبر وسائل الإعلام إنهاء هزاري إضرابه عن الطعام، بعد أن أعلنت الحكومة الهندية بدء البرلمان مناقشة بنود قانون جديد لمكافحة الفساد.
وناشد هزاري مؤيديه بعد إنهائه الإضراب التخلي عن الفساد في الحياة اليومية، وذلك بعدم قبول أو تقديم رشوة، كما تعهد بالسفر إلى كل أنحاء البلاد لنشر رسالته.
واعتبر هازار بعد 290 ساعة من الإضراب عن الطعام انه نجح في نصف المعركة، وان الطريق لا زال طويلاً أمام بلاده لإجراء المزيد من الإصلاحات لبناء مجتمع خال من الفساد.
وطالب بإنشاء جهاز للنظر في قضايا الفساد ضد أي شخص بمن فيهم رئيس الوزراء وكبار القضاة وجميع المستويات من الموظفين عقب إقرار الحكومة الهندية أخيراً مشروع هذا القانون في البرلمان مستثنية منه كبار القضاة ورئيس الوزراء. إلا أن البرلمان وافق في جلسة مشتركة مع الحكومة الهندية الاثنين الماضي على مشروع قرار يدعم طلب “غاندي جديد” في مكافحة الكسب غير المشروع للكل بمن فيهم رئيس الوزراء وأعضاء البرلمان والسلطة القضائية. وفور تبني القرار أرسل نسخة منه إلى هزاري الذي أنهى بدوره إضرابه عن الطعام.
وفي البلد الذي استقال فيه رئيس هيئة مكافحة الفساد بتهم تتعلق بالفساد، قالت دراسة لمنظمة الشفافية الدولية إن أكثر من 45% من سكان الهند قدموا رشى لتسهيل أعمالهم في الدوائر الحكومية، وذكرت تقارير أخري أن ما لا يقل عن خمسة مليارات دولار دفعت العام الماضي في صورة رشى في بلد صنفته المنظمة الدولية في المرتبة 87 من أصل187 دولة شملها التصنيف.
وفي بلد عربي محدود الموارد، صورت كاميرات المحطات الفضائية العثور على 40 مليون يورو نقداً وكميات من الذهب والمجوهرات تركها في قبو أحد مقاره رئيس مخلوع. وقاتل الله النسيان، وزحف الجياع الذين لم يمكنوه من حزم أمتعته بطريقة تليق بمن أفنى عمره في “خدمة شعبه” بعيداً عن الشفافية وأصحابها ودعاتها الذين لا يتركون مستوراً إلا فضحوه، ويلاحقون “دهن السيور”.


ali.alamodi@admedia.ae