الإعلامي هو إنسان صاحب رسالة، ينقل الحدث لمن لم يره ويعطي كل ذي حق حقه ويصف المشهد تماماً كما يشاهده بدقة، فلا تتدخل قريحته في إضافة المزيد من البهارات ووضع الرتوش واللمسات بحثاً عن كثير أو قليل من الإثارة، ولذا بات بالإمكان القول إن الإعلامي هو شاهد عيان، ولكن تختلف الأمور عندما يبدأ بممارسة الكذب على الجمهور ليتحول الإعلامي حينها إلى شاهد زور. فعندما تقرأ العنوان التالي: “مارادونا يهدد مدرب اتحاد كلباء بالقتل”، تصاب بالذهول، ثم تبحث عن مصدر الخبر فتصدم عندما تعلم أن المصدر هو صحيفة إلكترونية عربية يومية أخبارها مصدقة وموثوقة، كما أن مؤسسها ورئيس تحريرها شخصية إعلامية مرموقة. ويقودك الفضول لمعرفة كاتب الخبر والذي يبدو أنه كان يبحث عن أسهل الطرق للحصول على شهرة سريعة، فلم يجد سوى أن يبث هذا الخبر المثير عن ذلك النجم القصير، الذي قد يتثاءب في الملعب اليوم فتتصدر صورته في الغد كبريات الصحف العالمية. والعنوان المنشور في الصحيفة هو لقصة خبرية حدثت خلال مباراة الوصل واتحاد كلباء الودية التي أقيمت قبل أيام، وأثناء المباراة أشار مارادونا مدرب الوصل إلى رقبته عدة مرات، وهي اللقطة التي فهمها كاتب سيناريو وحوار القصة الخبرية على أنها تهديد صريح لمدرب اتحاد كلباء بالقتل. كسب كاتب الخبر بعضاً من الشهرة وحصلت الصحيفة الإلكترونية على رقم جيد من المتصفحين الذين تهافتوا من أجل قراءة القصة المفبركة وكسب الطرفان قليلاً ولكنهما خسرا أكثر، فالأمانة المهنية والمصداقية لا يمكن مقايضتهما بأي مكسب، فهل دخل الكاتب إلى عقل مارادونا أو قلبه وعرف نواياه؟، فقد شاهدت تلك اللقطات التي أشار فيها مارادونا إلى رقبته وحاولت أن ألعب دور المدعي العام فربما أجد شيئاً يدين مارادونا ولم أتمكن من ذلك. مارادونا في الإمارات هذا الموسم وسيجد الباحثون عن الشهرة السريعة وعشاق الإثارة الرخيصة في شخصيته المثيرة للجدل مادة دسمة تقودهم إلى عوالم لم يحلموا بها يوماً، ولذا علينا أن نتوخى الحذر فيما ينقل عنا وما تسطره أقلامنا، قد يستغله البعض في تحريف الأحداث التي تجري في ملاعبنا. في الختام: تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، ولكنك لا تستطيع خداع كل الناس كل الوقت، وفي النهاية سيكشف أمرك وسيفضح سرك، هذا مصير كل من لا يصون كرامة الكلمة ولا يقدر قيمة الحبر الذي ينفثه قلمه، عندها يصبح المجد زائفاً والشهرة كاذبة لأن أساسهما كذبة. Rashed.alzaabi@admedia.ae