زادت قصة التحرش الجنسي بالأطفال خلال الفترة الأخيرة لدرجة أن الواحد صار يخاف على أطفاله ولا يأمن عليهم في الملعب ولا في المدرسة ولا في الحافلة، بل ولا في المنزل من كثرة ما سمع من قصص عن ممارسات تقشعر لها الأبدان ويشيب لها الولدان. ترى ما الذي حدث؟ ولماذا يحدث كل هذا ونحن في مجتمع مفتوح؟ غير مكبوت، فيتوافر فيه كل ما هو مباح وما هو غير مباح. هل الخلل في الرقابة الأمنية بشكلها العام والخاص أو في الرقابة المنزلية أم أنها مسألة مرتبطة بأسلوب ونمط الحياة العصرية وبالتركيبة السكانية المختلة، هل تكمن المسألة في ضعف التوعية الأسرية وضعف الإعلام التربوي والأسري أو المجتمعية هذه لاتحتاج إلى خبير للإجابة عليها فالأمر واضح بعد أن تحولت قنواتنا الإعلامية إلى جوقة نشر البرامج التافهة والثقافة السطحية الخالية من الرسائل الإعلامية الهادفة. هل تكمن المسألة في سهولة دخول البلاد والخروج منها وفي عدم التدقيق والتمحيص في الداخلين والخارجين، وهذه ربما تكون من نعم الله لأن البلاد تنعم بالأمن بالرغم من كل هذا الانفتاح فهي ليست دولة منغلقة. هل تكمن المسألة في وجود مرضى نفسانيين وأشخاص معقدين ويأتون من خلفيات وبيئات مجتمعية غير صالحة ليجدوا أنفسهم يعيشون بين ظهرانينا في بيئة مثالية لممارسة رذائلهم التي تعكس وضاعة نفسياتهم الشريرة والمجبولة على الشر؟ هل تكمن المسألة في عدم وجود تنسيق بين الجهات المعنية التي تبعد نفسها بأي وسيلة عن إطار المسؤولية في هذه القضية الحيوية التي تتعلق بمصائر أجيال قادمة؟ غير أن إلقاء اللوم والبكاء على اللبن المسكوب لن يفيد ولن يقدم أو يؤخر في حل هذه الإشكالية، فلابد من التنسيق المجتمعي فهذه من الجرائم التي تؤثر على المجتمع بأسره وتهدد كيان أسر وحياة أحباب الله، ولابد من وضع الدراسات التحليلية والتفصيلية التي من شأنها الوصول إلى إيجاد حلول ناجعة وعواقب رادعة من أجل إيقاف هذه الظاهرة أو على الأقل خفض نسبها لأن النفس الشريرة تبقى شريرة وأمارة بالسوء. ماذا لو كانت العقوبة من جنس العمل، ماذا لو استخدم أسلوب الردع بأحكام قاسية ضد ممارسي التحرش الجنسي ضد الأطفال؟ ألن تكون عقوبة الإعدام مثلاً كافية لمقاومة هذا الجرم؟ خاصة وأن أغلب الذئاب البشرية لا يرتدعون حتى لو عوقبوا بالسجن فهم يعودون لممارسة شرورهم كلما سنحت لهم الفرصة، كما تدل على ذلك معظم الدراسات على المعتدين الذين يتكرر قيامهم بمثل هذه الفواحش. amal.almehairi@admedia.ae