لملم الشهر الفضيل أيامه ورحل، انتهت لحظاته الإيمانية العبقة بالسلام، وانقضت لحظاته الهادئة كالنسيم العليل، انتهى رمضان الكريم وبقي أجره لمن صامه وقامه. هذا العام تميز رمضان في أبوظبي بليالي القيام الرائعة، منظر الجموع التي أمت جامع الشيخ زايد الكبير يشرح القلب، آلاف من المصلين الذين جاؤوا من مختلف أنحاء أبوظبي، رجالا ونساء وأطفالا وقفوا صفوفا في الجامع ليصلوا وراء نخبة من الأئمة الذين تميزوا بأصواتهم العذبة وصلاتهم الهادئة. تميز أيضاً بإجازته التي جاءت في الأيام الأخيرة كفرصة جميلة للمجتهدين كي يعيشوا روحانية الشهر ، خاصة وأن آخر ليالي رمضان هي ليالي الاجتهاد الفعلية، هي التي يحرص على قيامها الصائمون ويحاول من قصروا إحيائها لنيل المزيد من الحسنات. رمضان هذه السنة جاء مليئاً بالفرص الذهبية لمحبي اغتنام الفرص، وترك في النفوس فرحة خاصة للعيد الذي تفصلنا عنه ساعات فقط. الليلة ستمتلئ الأسواق بمتسوقي اللحظات الأخيرة، وتزدحم الشوارع بأولئك الذين تذكروا فجأة أن الليلة «ليلة الشك» خاصة وأن الفلكيين هذه المرة لم يتفقوا على الموعد المتوقع لظهور هلال العيد، وحاروا فيه ليحتار أغلب الناس معهم. في آخر ليالي الشهر الفضيل يعلن البعض حالة طوارئ، وتراهم يتزاحمون على الأسواق وكأن السلع ستختفي (وهي فعلا قد تختفي بعد الهجوم الذي يعلنه هؤلاء عليها)! وليست الأسواق وحدها من يكتسحها الهجوم، فهناك صالونات التجميل والحناء النسائية، التي تشهد ازدحاما غريبا وتجلس النساء فيها بالساعات لتخضيب أناملهن بالحناء الجميلة وفي المقابل تستغل الصالونات هذا الازدحام لرفع الأسعار لثلاثة أضعاف دون حسيب ولا رقيب. صالونات الحلاقة الرجالية تشهد ازدحاما مماثلا وينتظر على كراسيها جموع من الرجال لحلاقة الشعر وتهذيب اللحية والشوارب، وربما تنظيف البشرة أيضاً. محال الخياطة الرجالية والنسائية تعمل بطاقتها القصوى هذه الأيام، وتظل أبوابها مفتوحة للفجر لتسليم ملابس العيد، ومحال (اللاندري) وبالطبع سوق الخضراوات والفواكه والحلوى والحلويات والمخابز، الكل يعمل بهمة والزبائن المنتظرون كثر وكيف لا فهذه ليالي العيد؟ رحيل رمضان هذا العام ارتبط أيضاً برحيل الإجازة وعودة الأمور إلى نصابها في مختلف نواحي الحياة العملية، فالإجازة الطويلة التي لم يستفد منها الكثيرون، انقضت وعلى الموظفين والطلاب والأمهات إعادة ضبط أوقاتهم على نظام جديد، نظام الحياة الحقيقية البعيدة عن الكسل فها هي أيام العمل عادت ليعود معها الإنتاج الفعلي. فتحية البلوشي