الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قبلة على خدود الحياة

18 فبراير 2010 19:17
يمضي في طريقه تعبث به الدنيا، تتقاذفه أمواج الحياة الثائرة، تستكين حياته مرة وتعاكسه مرات، فعنادها ينحني له المتجبر، هي هكذا لابد أن تذيق الكل من كأس التعب، وكؤوس مدامها ملآى تثمل شاربيها نشوة أو مهانة، فالحياة تُعلن بصرخة وعليها جبلت حياة الإنسان فرحا وحزنا، مطواعة لمن يراودها عن نفسها، كلما منحتها منحتك، وكلما أغدقت عليها عرَت مفاتنها، وقالت: هيت لك، لا تعترف بالمنزوي خلف مشاعره خجولا غير مقبل على إغواءاتها، تطلب الجرأة والحنكة والإقدام، ترغب دائماً في من لا يمل من ملاحقتها، عشاقها كثر لهذا تتدلل في غنج بزينتها التي تغشي العيون وتسلب الألباب. هي الحياة لا تعشق من لا يعشقها، عرفانها فقط لمن قاتل من أجل الظفر بها، أعطى دون أن ينتظر المقابل، سهر الليالي واقفا على أعتابها، يبحث في كل المنافذ والسبل لإرضائها، ولن تكون جاحدة وناكرة، بل عُرف عنها تقديرها لكل من أسال دمعة حزن أو فرح على وجنتيه من أجلها، بل لا تكتفي بمن يذرف الدموع وينتحب على عصيانها، ويبقى تقديرها عاليا لمن يترك بصمة في عمقها، يحلحل دواخلها، ويغير من سكونها. هذا نصيب كل من يأبى أن يمر خلف الحياة مرور الكرام، من يعطي دون أن ينتظر المقابل، ومن تهمه الانطلاقة أكثر من الوصول على حد قول أحدهم، فالانطلاقة هي الخطوة الأولى التي تنهي إلى كثير من الخطوات، هي التي تفضي إلى دروب متفرعة من الحياة، هكذا هو حال من سعى بكل جهد لبصم حياته وحياة الآخرين بما يقدم، أصر على أن يكون، ولابد أن يأتي العرفان، ولا بد من التكريم. هم الفائزون في الحياة، والفائزون بجائزة أبوظبي عرفانا من دولة تعترف بمجهودات كل من ترك بصمة في حياتها، تعترف لمبادرات فردية نبيلة كان لها الأثر في الارتقاء بمستوى الحياة في أبوظبي، وإلهام الآخرين لعمل الخير في المجتمع، وقدموا نماذج يحتذى بها في العمل المتفاني والجهد الدؤوب والعطاء بلا حدود. أناس اختاروا أن يكونوا في عين الشمس، اختاروا أن يستمد الناس من قوتهم قوات، اختاروا أن ينيروا ظلمة الطرقات، ربما لم يكن اختيارا، بل قناعات حركت دواخلهم فسعوا نحو الخير باسطين أياديهم لكل محتاج لهم. ومنا من يمر في الحياة دون أن يحس أحد بوجوده، ودون أن يبكي على فقدانه أحد، يمشي دون أن تراه العيون، لم يشغل الناس ولم يحرك سواكنهم، لم يرم حجر خير تُرص عليه أحجار أخرى ليصبح بنيانا يسكنه المضطر والمحتاج، لم يسهر الليالي نديمه الإقدام وعشق الحياة، يقدم لها كل الخير لينهل كل من حوله خيرات، لتبقى آثار خطواته في الحياة معلنا أنه لم يكن هنا يوما ومر مرور الكرام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©