بالأمس حضرت مع العديد من الأصدقاء القدامى، والذين عرفنا حياة المعسكرات والتخييم وحياة الكشافة، وقطعنا الليالي الطويلة، على امتداد أرض الإمارات من غربها إلى شرقها ونحن نحفر في الرمل ونقطع الطرق الطويلة، سيراً على الأقدام أو التخييم والانغماس في حياة المعسكرات، منذ أن كنا صغاراً، حتى ودعناها كباراً، كل حسب ظروفه أو عمله أو حياته الأسرية واهتماماته الجديدة. كانت دعوة جميلة تلك التي وصلت من الأخوة الذين مايزالون يواصلون قيادة الحركة الكشفية في الدولة، وكانت عودة جميلة لنا إلى حياة الصحراء والليالي السرمدية ولمعان النجوم والسماء الواسعة والبرد. لم نكن نبالي بالصعاب والتعب، بل كنا نسعد أننا نقهر الظروف الصعبة والحواجز والموانع التي تعترض طريقنا، نتعرف على أرضنا الحبيبة وتضاريسها، من رمال وجبال وبحار، نصنع المستحيل والأدوات الخاصة بنا من أبسط الأشياء ونحن في غاية الفرح والسرور. جاء الأصدقاء القدامى من رأس الخيمة والشارقة والمنطقة الشرقية ودبي وأبوظبي والعين، ومناطق قروية أخرى. أيضاً حضر إخوة عرب قدامى، قدموا خدمات جليلة لشباب الإمارات الكشافة يوماً. وكانت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وحرصه الشديد على متابعة نشاط وأعمال الشباب والفتيان الكشافة مفرحة للأجيال القديمة والجديدة، من المهتمين بهذا العمل التطوعي والاجتماعي المحترم، بل إن شبابا من كافة أقطار العالم قد حضروا هذا اللقاء الرائع. لقد وجدت الفرحة عارمة عند هؤلاء الشباب الذين نصبوا خيامهم على أرض الإمارات الحبيبة. كانت مناسبة لإعادة الذاكرة إلى الماضي والمواقف الطريفة، والكثيرة التي مرّت علينا نحن الكشافة يوماً. تحضرني الآن ذكرى المرحوم ربيع خير من السودان، وهو شخصية محبوبة وجميلة، طيبة القلب ومحب للجميع مثل كافة السودانيين الرائعين. حضر ربيع خير من السودان، ولأول مرة يصل إلى الإمارات، وفور وصوله باشر تدريب الشباب الكشافة على طابور الاستعراض، حيث طلب منهم السير شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، وكأنهم فرقة شرطة أو جيش، ثم أمر الشباب بالاصطفاف أمامه بعد أن أرهقهم بطابور العرض وقال: “الآن يا أولاد، داير كل واحد منكم يخط الصفارة في خشمه”، ذهل الكشافة من طلبه وتعجبوا، وأخذ كل واحد منهم يغمز الآخر، ولم ينفذوا. أخذ يصرخ “أقول ليكم كل واحد يخط الصفارة في خشمه”، انفجر الأولاد ضحكاً عالياً، زعل ربيع كثيراً، جاء لنا يشتكي قلة أدب هؤلاء الكشافة. ضحكنا كثيراً وضحك معنا، عندما فهم كم هو اختلاف اللهجات مضحك. ابراهيم مبارك Ibrahim_Mubarak@hotmail.com