حين يعاني الرجل من ضغط معين، وحين يكون متضايقاً لأي سبب•• فإنه غالباً ما يصمت منسحباً إلى كهفه الداخلي إلى صمته وتأمله ليتدبر أمر المشكلة، وهنا من غير المسموح لأحد بأن يقتفي أثره أو يدخل إلى كهفه بإصرار وبحجة المؤانسة أو القلق عليه أو تخفيف ما به•• هو لن يتكلم وهذا ليس موقفاً ضد أحد، لكن هكذا هم الرجال كما يقول جون غراي! إنه الدرس الأصعب على النساء، لأن من القواعد الذهبية لحياة النساء أنه يجب أن يتحدثن ليشعرن بالراحة، وليشعرن بقرب الأشخاص الحميمين لديهن، لأنه ليس من المودة ترك الأعزاء حين يكونون في حال من الضيق•• إذن فنحن أمام سلوك متناقض في شكله ودوافعه•• لكن مهلاً•• فإنّ ترك الرجل يدخل إلى كهفه ليس تخلياً عنه، إنما ذلك تقدير لطريقته في معالجة ضيقه وهو سرعان ما سيخرج وسيكون على ما يرام لأنه لا يستطيع أن يمكث طويلاً لوحده! في حال الضيق أو الوقوع في ورطة أو الإحساس بالإحباط نتيجة ظروف الحياة والعمل و(••) فإن المرأة تحتاج إلى رعاية ومساندة، والأكثر فإنها تحتاج لمن يستمع إليها وتحتاج إلى أن تتحدث من دون توقف•• هذا وحده كفيل بأن يجعلها أكثر توازناً وراحة•• بينما أي توجيه أو رعاية مباشرة للرجل يجعله أكثر توتراً•• فإذا كنت مع زوجك أو شقيقك مثلاً في مشوار معين لحضور حفل أو زيارة مكان ما، وضللتم الطريق•• فإن الرجل هنا يشعر بورطة كبيرة تجاهك، إنه تربى على أنه الرجل الذي يحميك ويقودك إلى بر الأمان دائماً فكيف يضل ويعجز أمامك، هنا فإن أي تدخل منك أو أي نصائح بأن يقف ويسأل أحداً أو أي شيء من هذا القبيل سيقابل بالرفض أو الصمت•• دعيه فإنه سيتدبر أمره ليشعر بأنه قادك فعلاً لبر الأمان، أما المرأة فإنها إذا كانت في مواجهة موقف مشابه فإنها سريعاً جداً ما تتوقف عند أقرب محطة وقود لتسأل أو تستشير أي سيارة أجرة أو حتى سيارة عادية للاستفسار!! أحياناً يعامل الرجال النساء في هذه المواقف على أنهن يشبهن الرجل في السلوك نفسه، وهذا ما يضايق المرأة•• الرجل حين يجد المرأة متضايقة يسكت عنها ليعطيها مجالاً- مثله- لتتدبر أمر ضيقها، هذا السلوك تفسره المرأة بأنه تجاهل وعدم اهتمام، بينما يعتبره الرجل تقديراً منه لحالها•• هنا تكمن معظم الالتباسات!! يقول الدكتور جون غراي (بينما كنت أناقش هذا الموضوع في إحدى ندواتي أدلت أميركية من أصل هندي (الهنود الحمر) بقولها إن الأمهات في قبيلتها يرشدن الفتيات المقبلات على الزواج بأن يتذكرن أن الرجل إذا كان منزعجاً أو يعاني ضغطاً نفسياً فسينسحب إلى داخل كهفه•• ويجب عليها ألا تأخذ الأمر بصفة شخصية، فهذا لا يعني بأنه لا يحبها•• إنه سيغيب قليلاً لكنه يطمئنها بأنه سيعود، لكن الأهم هو أن هؤلاء الأمهات حذرن الفتاة المقبلة على الزواج بألا تلحق به إلى كهفه، فإن فعلت فإنها عندئذ ستحرق من قبل التنين الذي يحرس الكهف)! التنين هو الغضب أو ردة الفعل غير المتوقعة التي قد تفاجأ بها المرأة التي تعتقد أن إصرارها على معرفة سبب صمت الرجل سيقابل بالتقدير•• فإنما ما يحدث هو العكس!! وفي المقابل فإن على الرجل أن يفهم أن المرأة قادمة من كوكب الجمال فينوس•• هي لا تطيق الضيق محبوساً في دواخلها وليس لها كهف تلجأ إليه سوى من تحبه وعليه فيجب أن يتفهم حاجتها للحديث!