تلفزيون الواقع، شيء بين التجارة وقلة الأدب، شيء بين الترويج لأصول البيع والشراء والمبالغة في عرض الحياة الخاصة على الهواء مباشرة بكل تفصيلات هذه الحياة وتحديدا التفصيلات الحميمة، وبرنامج هو وهي، أو خالد وأسيل، “شيء” من هذا، وهو علامة فارقة في تاريخ تلفزيون الواقع العربي، فالبرنامج الذي سيأتي بعده سيرفع بلا شك سقف “الشفافية” إلى حيث لا يتصور أحد !! فأي تلفزيون وأي واقع يريدون إفهامنا من خلال هذه البرامج المشبوهة ؟
لم أجد لفكرة “هو وهي” أي علاقة بالإعلام، فتلفزيون الواقع يمكنه أن يكون أي شيء إلا أن يكون إعلاما، لكن لنتمهل قليلا فسوف يرفع كثير من طلاب الإعلام أصابعهم ليصححوا لنا المعلومة ويقولوا لنا بل هو إعلام ونص، انه إعلام جديد، متطور، ومتعولم، وحداثي، ومنتشر في أوروبا منذ سنوات طويلة، وهو ما تابعه شبابنا وشاباتنا ورجالنا الناضجون ونساؤنا الناضجات منذ سنوات عبر قناة lbc من خلال ستار اكاديمي وسوبر ستار ووالوادي و... الخ، إذن، فتلفزيون الواقع ليس جديدا وهو إعلام موجود ومعترف به جماهيريا، وهو الإعلام الأكثر ربحية من بين كل البرامج التي يتابعها الناس، ونجومه يحظون بالشهرة والقبول الاجتماعي، وعليه فسر الحكاية ببساطة يكمن في استعداد البعض لفعل أي شيء للحصول على المال والشهرة.
تساءل كثيرون: ماذا يستفيد المشاهد العربي من برنامج يتبارى فيه زوج وزوجة على تقديم تفاصيل حياتهما للجميع بكل بساطة، بعيدا عن كل ما تعلمه الإنسان العربي في اسرته ومدرسته وحتى في كليات الاعلام عن احترام الحياة الخاصة، وموقف الرجل العربي من التداول العلني لشؤون أسرته امام الآخرين، ونخوة الرجل وفوران دمه حينما يتعلق الموضوع بذكر زوجته وأهل بيته امام الرجال، فكيف يصل الأمر برجل عربي إلى أن يتحدث هكذا وبكل برود عن تأخر الدورة الشهرية لزوجته ؟
ماذا يريد خالد والمطربة أسيل أن يقولوه لنا من خلال العمل الذي قاما به ؟ لا خصوصية لحياة الإنسان بعد اليوم، لا حدود بين العام والخاص ؟ لا قداسة لشيء من قبيل الخصوصيات والأسرار ؟ لا اعتبار لقيم النخوة والقيم والاخلاقيات والغيرة العربية ؟ واذا كان هذا هو الهدف، فلمصلحة من يتم ذلك ؟ لمصلحة السوق فقط ؟ لمصلحة العولمة ؟ لمصلحة التغيير ؟ أم لمصلحة خالد وأسيل فقط اللذين يواجهان قضايا قانونية حاليا ؟
لقد أراد خالد المذيع الذي ظهر ذات يوم على قناة دبي وأسيل الفتاة التي ظهرت في برنامج نجم الخليج ولم تحز البطولة أن يحققا الشهرة بأقصر طريق ممكن، اضافة لغرابة وجرأة الفكرة التي حشدت كثيرا من المراهقات والمراهقين لمتابعتها والتي ضمنت للبرنامج نسبة مشاهدة عالية أغرت المعلنين بدفع أموال طائلة للاعلان فيه، ثم ماذا ؟
هل نهنئ انفسنا بهذا الانجاز الذي وصلنا اليه بأن يتحدث شاب عربي مسلم عن خصوصيات علاقته بزوجته، وعن اجهاضها وتأخر دورتها الشهرية والكلب الصغير الذي أهداه لها والولد المنتظر الذي ستنجبه بسبب تأخر الدورة وال.....؟ لدينا في الامارات مثل يقول “الحياء نقطة اذا زالت انتهى كل شيء” هل هذا هو الهدف النهائي لمثل هذه البرامج ؟


ayya-222@hotmail.com