خلال العامين الماضيين برزت مشكلة “المحافظ الوهمية” التي كان ضحيتها عدد كبير من الأفراد ينتظر أغلبهم عودة الأموال التي أودعوها لدى تلك “المحافظ” والتي يحسمها القضاء في الوقت الراهن. تجربة الآلاف من الأشخاص مع هذه المحافظ لم تمر مرور الكرام، فقد كانت درسا مفيدا وقاسيا، فالطمع في الربح السريع و”مضاعفة الأموال” عن طريق استثمار يديره أشخاص أو جهات لا تحمل تراخيص رسمية لمزاولة هذا النوع من الأعمال ولا تتسم عوائدها بالمنطق والعقلانية، كلها أمور جرّت الكثيرين للانزلاق وراء إغراءات لم يعرف العالم لها مثيلا، فهل يعقل أن يكون هناك استثمار يجر عائدا بنسبة 35% من رأس المال، ليس في كل عام، بل في كل شهر؟!. كانت المكاسب التي وُعد بها المستثمرون “جنونية” ولكن حال أولئك “المستثمرين” لم يكن هو الآخر في وضعه الطبيعي، ومثلما كان الطمع أحد العوامل المهمة في الأزمة المالية العالمية التي اجتاحت العالم بعد المبالغة في التسهيلات البنكية، والتخلي عن شروط ومعايير عمل عليها النظام الاقتصادي طويلا، كان الطمع في الربح السريع سببا في وجود استثمارات غير حقيقية، رسمت أحلاما وردية للكثيرين.. لكنها لم تكن سوى أوهام. واليوم وبعد مرور العواصف التي مرت علينا وحملت معها أحلام الربح السريع، يبدو أن الصواب قد عاد للمستثمرين وجعلهم يميزون بين المحافظ الاستثمارية الحقيقية التي تديرها مؤسسات متخصصة ومنظمة، وبين “محافظ الأوهام” التي بزغ نجمها لبضعة أيام، قبل أن يحل الظلام محل البريق الذي تحلت به في عصرها الذهبي. الحذر مطلوب عند التفكير في الاستثمار، فكلما كان العائد مرتفعا كانت المخاطر أيضا مرتفعة، وحين تكون العوائد خيالية ولا يمكن تحقيقها في أي مكان آخر بهذا العالم، فجيب عندها أن يقف المستثمر ألف مرة قبل أن يضع أمواله في ذلك الاستثمار. لعل أوائل المستثمرين في تلك “المحافظ” كانوا محظوظين، فبعضهم استرد أمواله خلال أشهر قليلة، وربما حققوا بعض الأرباح، لكنهم كانوا بمثابة “الطعم” للآخرين، ولعل التدخل الذي حدث لضبط الوضع وإيقاف تلك “المحافظ” منع مشاكل أكبر كانت يمكن أن تحدث، ويبقى المهم ألا نرى مثل تلك “الأوهام” مستقبلا، وأن يركز من يسمّون بـ “المستثمرين” على مشاريع إنتاجية وحقيقية، وليس “استثمارات” مريحة لا يعرف أحد كيف تحقق أرباحها. حسين الحمادي hussain.alhamadi@admedia.ae