مازلنا إلى يومنا هذا نسمع القصص التي تدور في مستشفياتنا والمراكز الصحية، التي تنفر منها الآذان، وتجعلك تدعو ربك ليلاً ونهاراً، بأن لا تحتاج لها، بالرغم من الإمكانات الفنية والطبية والمادية، التي تعج بها مستشفياتنا، بالإضافة إلى الدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة لهذا القطاع المهم والحيوي.. إلا أن الناس مازالوا يبحثون عن العلاج خارج الدولة في أي مرض يصابون به، وليس هناك لوم عليهم لأن الثقة بينهم وبين مقدمي الخدمة تخللها بعض الشكوك حول مقدرة المستشفيات على التشخيص والعلاج من دون تعقيدات أو أخطاء طبية، فالبعض الذين لا يحصلون على موافقة اللجان الطبية التي تقرر حاجة الحالات المرضية للعلاج في الخارج، يتوجهون مباشرة الى القارة الآسيوية، وبالتحديد يتوجهون الى بلاد الهند أو تايلاند.. بحثاً على خدمة علاجية بتكاليف قدر استطاعتهم.. وسمعت حواراً يدور بين شواب بعد صلاة الجمعة الأسبوع الماضي، يتفاخر فيه أحدهم بمستوى الرعاية الصحية التي حظي بها في الهند، الى جانب تعليقاته التي كانت تدور حول الفرق الشاسع بيننا وبينهم في الإمكانات، وتكلم عن نوعية السرير الذي بات يصرصر على ذلك الشايب، وحرم عينيه لذة النوم، بعد عملية أجريت له، وغيرها من الأدوات الطبية البدائية البسيطة والمباني المتواضعة، إلا أنها استطاعت أن تشكل عامل جذب لعدد كبير من البشر.. نظراً لأن هناك فروقاً كبيرة في الإمكانات ومستوى الخدمة، ناهيك عن تكبد عناء السفر، فالسؤال الذي يخطر ببال كل منا، ما هي الأسباب التي تدعو تلك الحالات لشد رحالهم لتلك الدول؟ وبالتأكيد الجواب هو الثقة في التعامل والسمعة التي تركتها تلك المستشفيات، في قدرتها على علاج الحالات التي تعرض عليها، وقدرة اطبائها على التشخيص بـ»العوق» الذي يعاني منه المرضى ليس إلا.. ويتبادر إلى ذهني سؤال: لماذا لا تعمل مستشفياتنا الكبيرة التي حباها ربنا بقيادة حكيمة لم تدخر جهداً ومالاً عليها على تعزيز جانب الثقة بينها وبين متلقي الخدمات في المجتمع.. ولماذا لا يكون الاستقبال الذي نواجهه في مستشفياتنا نفس الاستقبال الذي يجدوه مرضانا في المستشفيات التايلاندية؟ بعض الدراسات أشارت الى أن الجانب النفسي نصف العلاج الصحي، والبعض الآخر أفادت بأنه العلاج الكامل، وإذا كنا نتطلع للترويج للسياحة العلاجية في دولتنا، فلابد لنا من وضع اليد على أماكن الخلل التي تنفر الجمهور والمجتمع من العلاج الداخلي.. أحد الفنيين العاملين في أحد المستشفيات الحكومية، يقول لي إن الإمكانات المتاحة للرعاية العلاجية تفوق الخيال، إلا أن المستشفيات تحتاج الى الكوادر والمشغلين في الوقت الحالي أكثر من حاجتها لمبان أو أجهزة ومعدات لا تستخدم إلا في الحالات النادرة.. أي أنه ما يدفع الكثير من الناس الى الإلحاح في الحصول على علاج خارج الدولة يكمن في انعدام ثقتهم في مستشفياتنا من القصص والأحداث التي استمعوا لها، والمواقف التي تعرض بعضهم لها، فنحن نحتاج في الوقت الراهن الى الثقة في خدماتنا الصحية، وإبراز مستوى الرعاية الصحية التي وصلنا إليها، أي المطلوب الثقة فقط.