تمضي المصارف المحلية في تطبيق استقطاعات غير مبررة من حسابات الذين دفعتهم الظروف للتعامل معها وفتح حسابات لديها، من دون أن يلوح في الأفق أي موقف حازم مع تلك المصارف من قبل المصرف المركزي. لدرجة أن هذه الاستقطاعات من كثرتها وعدم منطقيتها أصبحت مادة للنكت التي يتم تداولها عبر المواقع والهواتف النقالة. وتقول إحدى هذه النكت أن بنكاً قرر استقطاع رسماً على أي عميل يمر بجوار الصراف الآلي. وهناك نكتة أخرى عن الاستقطاع بحسب سن العميل الذي يرتفع مبلغ الاستقطاع كلما تقدم به العمر. ومن واقع الشكاوى تجد أنها مريرة، ولم تظهر تلك النكت الا تعبيرا عن مرارة المعاناة أمام واقع لا يملك أمامه العميل أي خيار سوى الإذعان. فالبنك هو الطرف الأقوى في هذه العلاقة. خاصة أولئك الذين تورطوا في «سلفيات» و «سحب على المكشوف»، وبطاقات ائتمانية «صداعها» يفوق كل آلام السلف البنكية.
وأستغرب هنا الصمت المطبق من قبل إدارة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد، فعملاء البنوك هم في الأخير مستهلكون، بل القروض المصرفية بلغة البنوك تسمى «قروضاً استهلاكية». وقد كنا لمسنا نشاطاً لهذه الإدارة في بعض المواسم. ونتذكر كذلك كيف انتفضت لردع محاولات دور السينما لرفع تذاكر الدخول من 30 إلى35 درهماً، بينما منشار الرسوم المصرفية التي تستقطع لا سقف لها، وهي تكبر يوماً بعد يوم، خاصة رسوم استخراج كشف الحساب أو «المديونية»، وهذا الكشف الأخير يرتفع سعره مع اقتراب شهر رمضان وانتشار أخبار قرب «فك ُعسر المعسرين» على يد أهل المكارم وفاعلي الخير.
ونحن ندعو هذه الإدارة إلى الالتفات لمعاناة المستهلكين من عملاء البنوك، لأنهم وجدوا أنفسهم وحيدين بعد أن تأخر عليهم أي تحرك ملموس من قبل المصرف المركزي، الذي يفترض أنه المرجع الأول والأخير في العلاقة بين المصرف وحساب الحساب. ولكن يبدو أن المصرف آثر ترك الأمور على ما هي عليه، باعتبار أنها من سمات اقتصاد السوق، وآلية العرض والطلب. ولكن يفوتهم أن الفئات المحدودة الدخل التي تتعامل مع هذه البنوك، تعاملت معها لأن رواتبها تحول إليها عبر هذه الوسيلة. ليجعلها صيداً سهلا تستسلم معه لأغرب رسم يمكن أن نسمع به، وقدره 15 درهماً مقابل «حماية حساب». ومن شدة استخفاف تلك البنوك بعملائها الذين تكسب أرباحها منهم، أنها في البداية بعثت إليهم رسائل لتخييرهم بين قبول ورفض «الحماية»، لتقوم بعد ذلك بتطبيقها على من وافق ومن رفض. بنوك أخرى تستقطع أموالا مقابل خدمات لا وجود لها، مثل تقاضي رسم عن تسهيلات سحب على المكشوف من شخص لم يطلبها أصلا.
ونحن عندما نطرح هذا الأمر مع كل جديد من تصرفات هذه المصارف وممارساتها، فإنما لتذكير الجميع للقيام بواجباته للتصدي لهذه الممارسات باعتبارها غير مشروعة أو قانونية. واستمرار السكوت عليها سيدفع البنوك لفرض المزيد من الرسوم باعتبارها أسرع الطرق لتحقيق المزيد من الأرباح، ولا نستبعد منها رسم تحية موظف المصرف!!.


ali.alamodi@admedia.ae