منذ أكثر من عام والناس والعلاقات الإنسانية في مجتمعنا المحلي والمجتمعات الأخرى في حالة غريبة ومتشابكة فتراها تارةً هادئة وتارة هائجة ومره يميناً ومره يساراً. علاقات تبنى وأخرى تهدم وأخبار صحيحة وأخرى ملفقة وأمور تظهر وتختفي، حتى المسائل الشخصية أصبحت بوجود ذلك المسبب متاحة للعامة، ويمكن لأي إنسان التدخل بها وتغيير مجرياتها ولو لم يكن له علاقة بالأساس. أتوقع فمهتم قصدي وعن ماذا يدور الحديث إنه ملك الإعلام وسارق الأضواء «البلاك بيري» أو كما حرفه الناس وينادونه بـ»البي بي» من باب التدليل والتخفيف. وللأسف الشديد لم تقتصر مشاكلنا نحن العرب على الأزمة الاقتصادية والأزمة السياسية فقط بل ظهرت أزمة جديدة وهي «أزمة العقول الذهنية» التي تفشت وانتشرت بشكل سريع وغير معقول، وأتوقع بعد فترة قصيرة جداً لن يكون لوسائل الإعلام سبق صحفي في تحرير الأخبار وإعلامها للجمهور، بسبب سرعته الفظيعة في تناقل الأخبار من كود إلى آخر، ولم يقتصر الأمر على الـ»بي بي» فقط، فبظهور هذه الصرعة نتج وراءها ظهور تقنية جديدة اسمها «آي باد» ومن الطبيعي الآن أن ترى شخصاً يتجول بالمراكز التجارية ورأسه منحن وعينه في هذا الجهاز المسطح يطقطق بأصابعه عليه، منظر قد تستغرب منه في البداية ولكن لابد أن تتعود عليه، خاصة وأن الناس والأشخاص الذين لا يمتلكون البلاك بيري أو أحد أجهزة الآي باد يعتبره الناس شخصاً خارج نطاق الخدمة، وعندما يسألك شخص ما إذا ما كنت تمتلك أحد هذه الأجهزة وكانت إجابتك بالنفي، ستراه ينظر إليك باستغراب ويشهق شهقة وكأنك خسرت العالم وأنك وحيد وبعيد عن أهم مجريات الحياة. ولكن الحقيقة غير ذلك؛ أنا لا أنكر أن للبلاك بيري أهمية في الحصول على الأخبار والتعرف على آخر الصرعات والموضات ووسيلة للتعازي والتهنئة ونشر المعرفة بمختلف مجالاتها، ولكن أيضاً هي وسيلة تضليل وخلق نزاعات وصراعات بين العلاقات الإنسانية، فذلك الجهاز البسيط في شكله والمعقد في تكوينه الداخلي، قد يخلق الحقد والغل بين مجتمعاتنا المحلية، وقد يفقم من المسائل ويعطيها أكبر من حجمها الحقيقي وللأسف أصبحنا أضحوكة للبعض وحققنا غايتهم من اختراعه، وكم من المؤلم أننا صرنا بأيدينا ننشر السوس بيننا ونحوله الى مرض ينهش في جسدنا فلا يمر وقت بسيط من الانتهاء من قصة حتى نبحث عن قصة جديدة نتسلى بها ونتناقلها من بيبي لآخر. مريم الشميلي Maary191@hotmail.com