الليلة قبل الماضية وعلى طريق المصفح تعرض شخص كان يقطع الشارع لحادث دهس من قبل سيارة مسرعة، شطرته نصفين ليلفظ أنفاسه على الفور، مشهد يتكرر بصورة مؤلمة في مثل هذه المنطقة وغيرها من المناطق التي يخترقها طريق خارجي سريع وتنتشر على جانبيه مراكز سكنية وتجارية، ولا يوجد ممر آمن لعبور المشاة. حادث الليلة قبل الماضية كان الضحية في طريقه للتسوق من المركز التجاري الواقع في الاتجاه الآخر من الشارع، ومن يستخدم هذا الطريق يلحظ مجاميع المارة الذين يغامرون للعبور في مشهد هو أقرب للانتحار، والسيارات تنطلق في الاتجاهين بسرعات كبيرة. ذات المعاناة يرصدها المرء عندما يمر بمنطقة الشهامة حيث تنتشر مراكز تجارية وسكنية يخترقها الطريق السريع الذي يربط العاصمة والضواحي الجديدة ويمتد حتى سويحان ودبي وغيرهما من المناطق الخارجية، وكنت قد كتبت عن هذا الطريق عندما لقي طالب حتفه، وهو يحاول اختصار الطريق للوصول الى مدرسته الواقعة على الجانب الآخر من الطريق السريع. وما يجري في مثل هذه المناطق ما هو الا نتاج غياب المعابر الآمنة للمشاة، حيث لم يراع مصمم ومهندس الطريق وجود مارة يمكن ان يستخدموا الطريق، ومن دون أن يحتاجوا الى سيارة للانتقال عبر الأمتار البسيطة الفاصلة، والتي تتحول إلى شراك للموت تحصد أرواح بريئة لم تقدر سرعة السيارات المنطلقة عبر اتجاهي الطريق. ومن يدقق في تفاصيل ضحايا حوادث الدهس لا يحتاج الي من يشرح له أنها وقعت لغياب الممر الآمن للمشاة، وهو أمر يعد من أبسط ضروريات أي شارع أو طريق. حتى الشوارع الداخلية في العاصمة قليلة هي تلك التي تتوافر فيها أنفاق للمشاة أو معابر لهم. أما البقية فلا تجد منطقة للعبور الا من الإشارة المرورية الي الإشارة الأخرى، وبالتالي فعلى من يريد قطع الطريق أن يغامر، وهو وحظه في العبور بحسب كثافة وسرعة السيارات. وقد تابعنا في مرحلة من المراحل قيام دوريات المرور بمخالفة المارة ممن يقطعون الطريق من غير المكان المخصص للعبور، ورغم وجود تحركاً وتنسيقاً بين الجهات المعنية بالأمر إلا أنه بحاجة لتكثيف إقامة معابر للمشاة سواء أكانت انفاقاً تحت الأرض أو جسورا علوية أو حتي خطوط مشاة عادية ينظم العبور من خلالها نظام إشارة المرور الضوئية، ما عدا الجسور التي أقيمت في منطقة النادي السياحي ضمن مشروع تطوير شارع السلام أو تلك الإشارات الخاصة بالمارة على كورنيش أبوظبي. كما نعاني من غياب الوعي المروري لدى العديد من سائقي المركبات والمشاة علي حد سواء. فهناك فئة واسعة من السائقين بطيشه واستهتاره لا يميز بين منطقة خارجية وأخرى سكنية، وتجده ينطلق بسيارته بذات السرعة للوصول الى مقصده دونما أدنى حسبان لمفاجآت الطريق. وبالمقابل ايضاً هناك نوعية من المشاة يعبرون الطريق من مناطق لا يمكن أن تخطر علي بال قائد المركبة، ولا يقدرون المسافة التي تفصلهم عن السيارة المنطلقة حق قدرها. ومنها نجدد مناشدة هندسة الطرق وإدارة المرور إيلاء موضوع صون حياة المارة الأولوية القصوى التي تستحقها حياة إنسان بريء.