لا شيء يمكن أن يوتر أعصابك ويقلق منامك أكثر من استيقاظك مفزوعاً على صوت رنين الهاتف في الثالثة بعد منتصف الليل، والأسوأ من ذلك أن يكون الاتصال خاطئاً أو من صديق “ غلس” أو من الشيخ إبراهيم الذي يود أن يفك سحرك! رنين الهاتف المزعج من دون سبب يستدعي الاتصال بك فجراً هو آخر ما يود أي عاقل أن يتعرض له، وكان هذا النوع من الإزعاج موجوداً بشكل ملاحظ قبل 10 سنين عندما بدأ الهاتف النقال يشق طريقه في حياة الناس، لكن اليوم وبعد عقد من الزمن صار من النادر جداً أن تسمع رنين هاتفك من دون داعي مطلع الفجر. كثير من الناس يجهلون آداب استعمال الهواتف المتحركة، فتراهم يمشون في المولات رافعين أصواتهم إلى أقصى درجة ليستمع المارة مجبرين إلى حواراتهم، ويدخلون للمحلات يقلبون البضائع وهم يتحدثون على الهاتف فترى الباعة يمشون وراءهم في انتظار خدمتهم إلى أن يفرغوا من المكالمة والغالب أنهم لن يفعلوا بل سيتركون المحل إلى محل آخر ليكملوا المكالمة، وهذا سلوك يزعج الباعة الذين يعانون الأمرين أساسا من الزبائن. هناك أيضا هواة “القرقة” الذين يتصلون في كل الأوقات للسؤال عن توافه الأمور أو ليخبروك حلما رأوه أو خبرا قرأوه! والبعض يبالغ في الموضوع ليجبرك على محادثة من معه وأنت مشغول في “ عز” اجتماع مهم. البعض من مستعملي الهاتف يعتقدون أن موبايلك ملتصق بكفك، والويل والثبور لك إن لم ترد على مكالماتهم، دون أن يراعوا أننا جميعا لنا انشغالاتنا وأعمالنا ولا يمكن أن نترك الحياة ونتفرغ لمكالماتهم. هناك أيضا من يضع رنات عجيبة غريبة لهاتفه، مثلا صوت طرق على الباب أو ضربات رصاص من رشاش، أو صراخ ، أو حتى أغانٍ مزعجة ولا ينتبه لاحترام المكان الذي يكون فيه فربما يكون في مستشفى أو عزاء شخص ما أو حتى في اجتماع مجلس الإدارة. أما أعجب ما سمعت من مواقف انعدام اتيكيت استعمال الهاتف، موقف تعرضت له شقيقتي في إحدى مقابلات العمل، فقد كان الشاب الذي يدير المقابلة لا يرفع عينه من هاتفه “ البلاك بيري” ، ويقطع كل إجاباتها ليقرأ “ البرودكاست” الذي يصله ويضحك. كذلك فعل أحدهم في اجتماع حضرته أنا، حين كان الحديث على أشده قرأ نكتة وصلته ولم يخجل من قولها للجالسين حوله! الهاتف المتحرك أداة في يدنا لها قواعد استعمال واتيكيت يفترض أن نستوعبها جميعا، منها ضبط صوت رنينه على نغمة متوسطة رسمية حين نكون في مكان رسمي، وإغلاقه في المساجد، وعدم الحديث بصوت عالٍ في الأماكن العامة، واختيار وقت الاتصال المناسب بعيدا عن أوقات راحة الناس، والاستئذان قبل تلقي مكالمة أثناء الاجتماع وعدم تجاهل الآخرين من أجل قراءة رسالة نصية وغيرها من القواعد التي صار لها في علم الاتيكيت فرع متخصص يدعى “ اتيكيت الهاتف”.