فيما يتعلق بمسألة التوطين في الإمارات مطلوب منا أن نراجع جميع المشاكل التي تواجه المواطن الذي يحاول بكل جهده أن يحصل على الوظيفة الجيدة، هكذا كتبت لي إحدى القارئات اللواتي يعملن في مجال توطين الموارد البشرية حيث تؤكد القارئة أن المشكلة تكمن في عدة عناصر يمكن قراءتها بشكل موضوعي ومتأن . فالقطاع الخاص غالباً ما يطلب من موظفيه أن يتقنوا اللغة الإنجليزية (محادثة و كتابة)، و أنا – تقول القارئة - شهدت بنفسي الصعوبة التي يواجهها المواطن الذي لا يحمل شهادة عليا في التواصل مع الجاليات الأخرى ، مع ذلك أن هؤلاء المواطنين الذين يحتاجون الوظيفة التي تبدأ بــ3000 درهم في الشهر يحاولون بقدر المستطاع العمل على تطوير مهاراتهم اللغوية في حدود إمكانياتهم المادية وهم يجتهدون وبإصرار لبلوغ غايتهم تلك مضحين بالكثير من الأمور . إن جهود التوطين التي تبذلها أكثر من جهة حكومية وخاصة تحاول أن تسد الكثير من الثغرات والإشكالات التي حدثت للمواطن خلال حياته، كإشكالية التعليم التي تخضع اليوم لإعادة نظر وإعادة هيكلة من أجل سد الثغرة الكبيرة التي ولدها ذلك النوع من التعليم الذي لم يعد يتماشى واحتياجات أسواق اليوم، بالإضافة إلى الثغرة أو الإشكالية الاجتماعية التي تشكل سلوكاً اجتماعياً متداولا بين الكثير من الإماراتيين حيث إن المواطن لا يختلط مع الجاليات الأخرى نتيجة أسباب عديدة ولذلك فليس لديه معرفة أو إحاطة كاملة حول الثقافات والعادات التي تشكل طبيعة أبناء الجنسيات الأخرى التي تعيش في الإمارات وعليه فقد يخفق هذا الإماراتي كثيراً في كيفية التعامل معها. أما موضوع بيئة العمل فهو سبب لترك المواطنين عملهم والعودة مجدداً للبحث عن عمل جديد، لذلك فهو بحاجة إلى وقفة صريحة تعترف بالمشكلة وتبحث في حلها بإرادة وتصميم، وقد كان القرار الذي صدر منذ عدة سنوات والذي يحض جميع الشركات الخاصة على توطين وظيفة مدير الموارد البشرية، تم إلغاؤه بشكل أو بآخر ،مع ذلك فقد كان سيشكل حجر أساس جيدا لو استمر تطبيقه فترة من الزمن لزيادة نسب التوطين إذا ما وضعنا الشخص المناسب في الوظيفة المناسبة . إن من أهم العناصر التي تواجهها مبادرة التوطين هي عدم وجود برامج توعية حول المجالات المتوافرة لمواطني الإمارات، حيث يمكنهم الاطلاع على شتى القطاعات الفعالة اقتصادياً والمساهمة فيها بالإضافة إلى برامج تدريبية عملية وحقيقية . يمكننا في الختام أن نشير إلى المراكز والمؤسسات والهيئات الحكومية التي تساهم في تغيير وضع المواطن من خلال تطوير برامج توظيف جيدة للمواطنين وتكوين علاقات طيبة مع الشركات التي يتعاملون معها، وتنسيق الجهود بين الدوائر الحكومية والشركات الخاصة التي تود أن تستفيد من برامج التدريب التي توفرها هذه الجهات بالإضافة إلى الخدمات الاستشارية لتحسين مستويات التوطين في الشركات الخاصة.