يربط البعض -أحياناً- علاقاته الإنسانية والمجتمعية بالشكل الخارجي والجمال الظاهري للأشخاص و المحيطين به، وقد يصنف، مستوياتهم بحسب مقياسه الخاص للجمال، اعتقاداً منه و في قرار نفسه، أن الجمال الخارجي هو المعيار الرئيسي للعلاقات الإنسانية المختلفة فيتعالى عليهم ويتكبر، وبالتالي تتأثر علاقاته بمن حوله، وإن لم تكن ظاهريه والتي تظهر عن طريق الحديث والتصرف غير اللائق، بعكس الإنسان المتواضع الذي يرى جمال الناس في روحهم وأخلاقهم و التي تصنع لصاحبها مكاناً، في قلوب الناس دون تكلف أو حدود، فقد يحظى بعض الأشخاص من هذه الفئة، بإعجاب الناس ولكن مثل هذا الإعجاب يتبدد كالدخان في الهواء إذا لم يسانده الجمال الدائم وهو جمال الروح. قد لا يتفق الكثيرون معي فيما اعتقده، ولكنه في النهاية أمر منطقي، .بالمقابل قد أقر وأجزم أن لكل شخص نظرة ومعيارا محددا يحب أن يتميز به الأشخاص المحيطين من حوله ولكن قد تتطور المسألة أحيانا وتسوء عندما يصبح العامل الخارجي هو الطاغي على جمال الروح الداخلي حينها ستختلف نظرة الناس لبعضهم البعض، وستتحول العلاقات المجتمعية إلى مجرد نفاق وأقنعة يضعها الأشخاص على وجوههم لإخفاء الجانب السيئ، ولكنها قد لا تخفي ما تفضحه العيون. و كثيراً ما أتساءل لما لا يتعامل كل منا مع الآخر بروح الصدق والمساواة التي أقرها ديننا الحنيف وأوصانا بها سيد البشرية، ولم بات النفاق مصدر تعامل مع الآخرين في مجتمع إسلامي كمجتمعاتنا؟ بالرغم من أن أكثرنا يعلم أن جمال الروح هو جمال الجوهر الباقي، بعكس جمال المظهر الذي يذوب ويفتر رونقه طالما خلفه قلوب خاوية، وقد أعجبتني قصة كشفت أن جمال الروح وعشقها هو أساس استمرار العلاقات الإنسانية وتطورها بمختلف أنواعها ففي، ذات صباح مشحون بالعمل دخل عجوز يناهز الثمانين من العمر جاء لإزالة بعض الغرز، من إبهامه وذكر أنه في عجلة من أمره لأن لدية موعدا بعد نصف ساعة، و دار حديث بين العجوز و الممرض وسأله عن سبب تعجله، فأجاب « إني ذاهب لدار الرعاية لتناول الإفطار مع زوجتي فسأله الممرض، عن سبب دخول زوجته لدار الرعاية ؟ فرد عليه « لأنها مصابة بمرض الزهايمر ( ضعف الذاكرة )، وبعد أن انتهى من التغيير على جرحه، سأله مرة أخرى، وهل ستقلق زوجتك لو تأخرت عن الميعاد قليلا ؟ ?فأجاب : « أنها لم تعد، تستطيع التعرف عليه منذ خمس سنوات مضت «فاندهش الممرض وقال «و لازلت تذهب لتناول الإفطار معها كل صباح على الرغم من أنها لا تعرف من أنت ؟!!! ابتسم الرجل وهو يضغط على يدي الممرض، وقال: هي لا تعرف من أنا، ولكنى أعرف من هي). تكشف لنا هذه القصة أن دوام العلاقات لا ترتبط بالشكل والمظهر والممتلكات وإنما هي جذور عميقة تغرس في النفوس النقية السوية. Maary191@hotmail.com