الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أختان كفيفتان تفوزان بمسابقة القصة القصيرة

أختان كفيفتان تفوزان بمسابقة القصة القصيرة
21 يناير 2011 20:53
فازت الأختان الكفيفتان ميس ورنيم أحمد كايد، في مسابقة القصة القصيرة للمكفوفين المقروءة بطريقة برايل، وحصلت ميس أحمد كايد حمود من الشارقة على المركز الأول في المستوى الخامس، أما أختها رنيم أحمد كايد من منطقة الشارقة التعليمية فحصلت أيضا على المركز الأول ضمن المستوى الثاني. حين أعلنت نتائج الدورة الرابعة التي نظمت تحت شعار «الجميع يقرأ» وتم توزيع الجوائز والتكريمات بحضور سمو الشيخ هزاع بن حمدان بن زايد آل نهيان حيث أعلنت مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة متمثلة في مطبعة المكفوفين والتحديات البصرية التابعة لها، وتم تكريم الفائزين وتسليمهم شهادات التقدير والجوائز المالية. الأختان الكفيفتان ميس ورنيم كايد، لم تفوزا بهذه المسابقة فحسب، بل هما متفوقات أيضا في مجال دراستهما، فميس حصلت على أعلى مجموع في الثانوية العامة، أما رنيم صف رابع فهي الأولى على مستوى مدرسة العلا. عن نجاحهما وتفوقهما، وقبل ذلك عن الصعوبات التي تعرضت الأسرة لها في إطار التعليم وكيف تم إدماجهما في المجتمع تقول والدتهما مي حمادنة: أقول دائما أن النجاح يُصنع، ورسالتي لكل أب وأم أن يخلق من أولاده متفوقين، وفي الإمكان ذلك، وتضيف مي أن الاهتمام بالأطفال، ومنحهم الثقة بأنفسهم، وصقل مهاراتهم وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والحديث معهم يخلق أطفالا متميزين أيضا، وأن الصبر والمجاهدة في سبيل وضعهم على خط الحياة الصحيح يعطي نتائج مذهلة، وتضيف: هذه الرسالة أوجهها لكل الآباء والأمهات. دراسة في رام الله لم يكن المشوار الدراسي لميس أحمد كايد سهلا، خاصة أنها البنت المكفوفة الأولى في الأسرة، ولم تكن هذه الأخيرة تعلم بمخارج التعليم لابنتها، لم تحصل لها على مدارس في الإمارات تعلم بطريقة «برايل»، فأوكلت لها مدرسة خاصة لذلك، لكن كان الأمر لا يتعدى تعليمها أربعة حروف في السنة، هكذا رحلت الأم من جديد تبحث عن تعليم ابنتها برام الله في فلسطين، تحكي مي قصتها مع دراسة ابنتها أبجديات الحروف الأولى بطريقة «برايل» وتقول: ولدت ميس وهي مكفوفة، وكانت صدمة كبيرة على حياتنا، راجعت الكثير من الأطباء الذين أرجعوا حالتها لإصابتها بالحصبة الألمانية، جلت الكثير من الدول بحثا عن علاجها، لكن نصحني البعض بعدم استعمال أي أدوية كون حالتها ميؤوس منها، هكذا آمنت بقدر الله بعد سنوات من البحث، ورجعت للبحث عن تميزها وعن الأشياء القوية فيها، وشعرت بمسؤولية كبيرة تلقى على عاتقي في مساعدتها وتطويرها. وترجع مي بذاكرتها إلى سنين خلت وتتحدث عن رحيلها بمفردها مع ابنتها إلى فلسطين من أجل تعليم ابنتها بطريقة «برايل»، هكذا كانت تتابع ميس تعليمها برام الله، وهي المدينة التي تبعد بمسافة 3 ساعات عن مقر سكن العائلة، فكانت تدرس في مدرسة هلين كيلر، وهي مدرسة داخلية، وتضيف مي: كانت مرحلة صعبة في حياتي وحياة ميس، خاصة أن دراستها تزامنت مع الانتفاضة في فلسطين، هكذا كان يمر أكثر من شهر من غير أن أراها، وكانت صغيرة العمر أنذاك، ودام هذا الحال 3 سنوات مرت بصعوبة كبيرة، وتذكر مي أن ابنتها ميس برغم صغر سنها كانت تعرف كيف ترتب ملابسها، وكيف تنسق الألوان رغم أنها مكفوفة، وترجع الأمر إلى كونها كانت تحدثها عن ملابسها وتصفها لها، إلى ذلك تقول مي: الكل في العائلة يعامل ميس على أنها ترى، فإذا أردنا مخاطبتها عن شيء نتجنب كلمة المسي هذا لكي تتعرف عليه، بل نقول لها دائما شاهدي هذا كم هو جميل مثلا، أو نسألها، هل رأيت كم هو رائع؟ نتحدث معها كأنها سوية تنظر بعينها، أما إذا طرق الباب أحدهم، فإننا نقول لها افتحي الباب وتحدثي مع خالتك أو عمتك، فالعلاقات الاجتماعية مهمة جدا في حياة الصغار أيضا. تميز بعد رجوعها مرة أخرى إلى الإمارات استقرت الأسرة في الشارقة وهناك بدأت ميس دراستها في مدرسة العلا، واستمرت فيها إلى غاية الثانوية العامة، تقول مي عن هذه المرحلة العمرية والتعليمية من حياة ميس: كانت مي مدمجة في مدرسة العلا، وكانت متفوقة جدا، وكانت تزودها مطبعة المكفوفين بكتب المقرر مطبوعة بطريقة «برايل»، والكل يعاملها بأحسن طريقة، إذ حصلت على أعلى درجة في الثانوية العامة على مستوى عجمان، والرابعة على مستوى الدولة، تم تكريمها وحصلت على منحة للدراسة في جامعة الشارقة وتدرس اليوم الصحافة، وهي مميزة جدا في دراستها أيضا في هذا المجال. أما عن طريقة دراستها وتسجيلها للدروس في الجامعة تقول مي: ميس تسجل المحاضرة في مذكرة بطريقة «برايل» ونساعدها في البيت إذا احتاجت ذلك، إذ نقرأ لها بعض ما يلزمها أحيانا، لكن في الغالب هي مميزة جدا ولا تحتاج أي تدخل منا، حيث تحصل على أعلى العلامات في الجامعة، كما تذكر والدة ميس أنها تتمتع بحاسة فنية عالية، وسبق وأقامت معرضا بـ15 لوحة فنية، وتذكر أنها قبل هذه المرحلة سجلتها بجمعية لصقل مهاراتها في مجال الرسم، ومن اللوحات التي رسمتها تذكر أم ميس أنها شكلت الجبال والطبيعة والورود والعصافير، أما طريقة الإحساس بالطبيعة وقدرتها على التعامل معها من خلال تجسيدها لها، مثلا تمسك سمكة وتجعلها تلمسها، هكذا تتعرف على الأشياء من حولها. تفوقت ميس أحمد كايد في دراستها وتميزت أيضا في قراءتها للقصص المقروءة بطريقة برايل المخصصة للمكفوفين حيث حازت على المركز الأول ضمن المستوى الخامس أي المستوى الجامعي، عن ذلك تقول والدتها: مدة شهران كانت كافية لقراءة روايتين كبيرتين مع شرحهما وتفصيلهما من طرف ميس، وهذا يعتبر إنجازا بالنسبة لها، حيث تفوقت على أقرانها في هذا المجال، ولم يكن ذلك صعبا بالنسبة لها فهي مميزة. رنيم أحمد كايد عندما ولدت ميس أحمد مكفوفة لم يكن سهلا على أهلها تقبل المسألة والتأقلم معها، استمر البحث عن العلاج والدراسة سنوات كثيرة، وبعد ميس رزقت الأسرة بفتاة غير مكفوفة، لكن حصل ما لم يكن في الحسبان، بحيث ولدت الطفلة الصغيرة رنيم بنفس حالة أختها ميس، فهي أيضا ولدت مكفوفة، ورغم صعوبة التقبل إلا أن أمر تعليمها كان أهون من أختها، إلى ذلك تقول والدتها مي: راجعت الأطباء للتأكد من حالة رنيم الصحية وأنا حامل، والكل كان يؤكد لي تمتعها بصحة جيدة، لكن عندما ولدت فوجئت بحالتها، كانت صدمة بالنسبة لي، لكن تأقلمت مع الوضع، هكذا ركزت على تعليمها، وهي أيضا متفوقة جدا وهي تتابع دراستها في الصف الرابع، والأولى على مدرستها كلها، كما أنها أيضا حصلت على المركز الأول ضمن المجموعة الثانية في مسابقة القصة القصيرة المقروءة بطريقة «برايل». رسائل رسمت أم ميس ورنيم ملامح نجاحات بناتها المتفوقات في مدارسهم والمدمجات في الحياة الاجتماعية، وتحمل رسائل لكل الآباء من خلال تجاربها الصعبة الممتعة وتقول: قد يكون صعبا جعل طفل يتميز ولكن ليس مستحيلا ذلك، كل ما يرغبه الطفل هو تحفيزه وتنمية حبه لذاته وإعلاء تقديره لذاته، وعدم إهانته، بل مدحه أمام الناس، وتقوية الجانب الإيجابي فيه وتحسين ما يجب تحسينه، وأقول ان التحفيز والتشجيع والعلاقات الاجتماعية والأنشطة الموازية تخلق النجاح، وهؤلاء أمانة في أعناقنا فيجب الأخذ بأيديهم حتى يكونوا نافعين لأنفسهم ولبلدانهم. اليأس ألقت ميس أحمد كايد حمود كلمة بالنيابة عن المشاركين في المسابقة بمستوياتها المختلفة، بدأتها بطرح أسئلة كيف الطريق إلى النجاح؟، ماذا نفعل لنصل إليه؟، كيف نتفوق؟، وقالت: أسئلة كثيرة سألناها لأنفسنا ولكن لم نجد أجوبتها إلا عند أبوابكم وبين أيديكم وفي قلوبكم التي حملتنا إلى طريق النجاح، شددتم على أيادينا وأنرتم دربنا وكنتم لنا كالأم الحانية في كل المراحل، فكنتم لنا الأهل والصديق والقريب، لأنكم زرعتم فينا ألا نرضى بالقليل وألا نسمح لليأس أن يدق أبوابنا وأن نرحب بكل أمل يلوح بالأفق، فباسمي وباسم زملائي نود أن نتقدم بباقات الشكر والعرفان ليست مجرد كلمات صفت ورتبت لتقال بل هي كلمات شكر وتقدير نابعة من القلب.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©