بدأت وزارة العمل أولى خطواتها نحو تعديل قوانين العمل الجذرية والجوهرية فعلاً، وإن كانت لها محاولات ومبادرات سابقة لتعديل وتجميل وتقليب بعض القوانين لتواكب سوق العمل، ومستجدات الوضع العمالي والاقتصادي للبلد، فكانت خطوتها الجدية الأخيرة تطبيق قرار مجلس الوزراء بشأن ضوابط وشروط منح تصاريح العمل الجديدة للعامل، بعد انتهاء علاقة العمل، للانتقال إلى منشأة جديدة، فالقرار الجديد لوزارة العمل يتيح للعامل المنتهية علاقته التعاقدية الحصول على تصريح عمل جديد دون التقيد بمضي مدة الـ “ستة أشهر” المعمول بها حالياً، والانتقال إلى منشأة أخرى دون اشتراط موافقة صاحب العمل، شريطة أن يتوافر شرطان، أولهما انتهاء تلك العلاقة بالاتفاق، والثاني أن يكون العامل قد أمضى سنتين على الأقل لدى صاحب العمل، وهي مدة الصلاحية الجديدة لبطاقة العمل التي ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من بداية العام المقبل أيضاً.
أي أنه بات بإمكان المكفول الانتقال إلى منشأة جديدة وكفيل جديد دون موافقة كفيله السابق، لكن ما حفظ حقوق الكفيل أنه يتوجب انتهاء العقد بين الطرفين، أي انقضاء فترة لا تقل عن عامين، يعمل فيها العامل لدى كفيله الذي استقدمه، قبل أن يختار العامل كفيلاً آخر وعملاً جديداً، يذهب إليه دون الحصول على إذن كفيله السابق بخلاف ما كان معمولاً به في السابق، إذ كان يتوجب موافقة الكفيل على نقل الكفالة، وإن لم يتفق الطرفان، بإمكان الكفيل إنهاء العلاقة وتسفير العامل مع منع دخول المكفول للدولة مرة أخرى قبل انقضاء ستة أشهر، ويعفى من ذلك بناء على رغبة الكفيل.
لاشك أن القرار الجديد جاء لمواكبة متغيرات السوق، والتطور الكبير الذي شهدته الدولة في مختلف القطاعات والمجالات، وكان لزاماً أن تواكب قوانين ولوائح وزارة العمل تلك المتغيرات، وما كان مثالياً قبل عقدين أو ثلاثة بالتأكيد بات اليوم موضوعاً لإعادة النظر، بل وقد يصبح معيقاً لما تشهده الدولة من طفرة ونهضة شاملة، فكانت الإجراءات العمالية الجديدة لإيجاد المزيد من المرونة في سوق العمل، وخلق التوازن في العلاقة ما بين صاحب العمل والعامل، والتي تنتهي بانتهاء العقد المبرم بينهما.
قد يتضرر البعض من هذا القرار، ولكن ذلك الضرر شخصي، ويجب أن لا ننظر للمصالح الشخصية بقدر حرصنا على حفظ حقوق ومستحقات العمال وأصحاب العمل، وفق أفضل التشريعات والممارسات الضامنة لتلك الحقوق، لا سيما ما يتعلق منها بالالتزام بتنفيذ بنود الاتفاقيات الدولية.
وبعد قرار الوزارة الأخير ننتظر أن تعمل تلك الإجراءات للارتقاء بسوق العمل وتعزيز التنافسية والتحول نحو اقتصاد أشمل، والحفاظ على العمالة الماهرة وإعطائها مزيداً من الحرية، ولتعزيز السوق والعمل على فتح باب جديد للتنافسية بين مختلف منشآت القطاع الخاص الذي يعتبر ركيزة مهمة في اقتصاديات الدول.


m.eisa@alittihad.ae