بعض المتسوقين لا يحلو لهم التسوق إلا حيثما توجد الحملات الترويجية والسحوبات التي تصل جوائزها إلى الملايين من الدراهم، أو مئات الآلاف في أقل الأحوال، لعلهم يكونون من الذين يلتفت إليهم الحظ في غفلة من الزمان، فينتقلون من عالم الشقاء إلى دنيا الغنى والثراء. الحملات الترويجية والإعلانات أصبحت في كل مكان.. في المراكز التجارية والمحال ذات الماركات العالمية، وغير العالمية.. المهرجانات والفعاليات السياحية.. حتى البنوك أضحت تتنافس على جذب أموال المودعين وإغرائهم بالسحوبات وبجوائز الملايين.. ومن يدري، فقد يأتي يوم يصبح فيه كل من في البلاد مليونيراً؛ لأنه ربح المليون في أحد السحوبات؟!. لكن بعض المتسوقين من أمثالنا.. لا تنفع معهم السحوبات ولا الجوائز ولا يبتسم لهم الحظ أبداً.. ولعل أفضل طريقة لنا هي تلك التي يتبعها بعض الآسيويين.. تجد 10 من الأشخاص يشتركون في قسيمة شراء واحدة.. كل منهم دفع بضعة دراهم في هذا السحب أو في ذاك.. وبدلاً من أن يدخل أحدهم في سحب على قسيمة واحدة.. تجد له حصصاً في 10 قسائم مختلفة، وما أكثر ما يربحون الملايين.. هذه الحملات الترويجية تضر أكثر مما تنفع بكثير.. فبدلاً من نشر ثقافة ترشيد الإنفاق والادخار بين الناس، تستفحل ثقافة الشراء والدفع من دون حساب بحثاً عن المليون الذي لا يأتي، ولعل هذا الوضع الذي يتجذر يوماً بعد الآخر أوجد مصالح مشتركة للجانبين، فالتاجر يبحث عمن يدفع ويشتري ويزيد أرباحه عاماً بعد عام.. والمشتري يبحث عن المليون الذي يكون وهماً في أغلب الأحيان. المؤسسات والجهات الرسمية بالدولة يجب ألا تقصر جهودها على تنشيط الاقتصاد والحركة التجارية وإيجاد بيئة استثمارية جاذبة ومشجعة، بل يجب أن تكون هناك جهود موازية تعزز الوعي الاستهلاكي لدى الأفراد، وأصبح من الضروري أن تسود الثقافة الإنتاجية والتخطيط للمستقبل والادخار المالي لـ«تحويشة العمر»، بدلاً من الثقافة الاستهلاكية التي لا تفكر إلا في البحث عن الجديد في الأسواق واقتناء كل ما يطرح من منتجات جديدة. هناك تطور اقتصادي مهم شهدته الدولة خلال السنوات الماضية، ولاستمرار هذا التطور لا بد من وقفة للنظر في كيفية تعامل الإنسان مع هذا النشاط، تعمل على نقل هذا الإنسان من مرحلة الانبهار والاستهلاك والشراء، إلى مرحلة التفكير والتخطيط والإنتاج، وفي حين ترفع أغلب الحملات الترويجية اليوم شعار «تسوّق واربح»، قد تظهر في المستقبل حملات أخرى غير ترويجية تعيد العقول وتزيل «أوهام» الملايين.. حملات يكون شعارها «تسوّق ولا تربح». حسين الحمادي hussain.alhamadi@admedia.ae