الديمقراطية، كلمة، كعصفور يفر من أسوار أغصان شائكة.. الديمقراطية وعد الإنسان للإنسان، وحلم الإنسان وهو ينحو نحو القِرب المغلقة، المقلقة، المرهقة، مسترقة السمع محدقة البصر.. وحب الديمقراطية من حب الأوطان، لكي تنمو وتترعرع، وتفرع أغصانها في فضاءات بعيدة وسعيدة تنشد قصائدها مزينة بأزهار الازدهار، ولكن أن تتحول الديمقراطية إلى ديماجوجية فجة. الهدف منها أغراض وأمراض وتبيان أعراض فإنها سيئة، كسوءات من قصف الجسد، بأوراق الحشمة لستر عورة التمادي في العصيان.. الديمقراطية جميلة بجمال نفوس أهلها، ونبيلة بنبل الفرسان الذين لا يخبون ولا ينطون، ولا يهرطقون، ولا يتزحلقون على الرمال المتحركة بغية غسل اليدين بالغبار. الديمقراطية تزدهر عندما تكون القلوب عامرة بحب الأوطان، مليئة بالإيمان بأنه لا صوت يعلو فوق صوت الوطن، وكل ما يعكر صفوه، أو يكدر صحوه، فإنه خيانة للضمير، واستعانة بالشيطان ضد أمن وسلامة الإنسان. الكويت التي نحبها تمر اليوم بوعكة صحية برلمانية، ولأن للكويت تاريخاً في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فهذا ما يجعلنا نؤمن أنها قادرة وبجدارة على تخطي حاجز القلق والعبور بسلام ووئام وانسجام.
الكويت التي نحبها لا نتمنى لها أن تقع في وهدة خلاف ما بين الغمد والنصل، ولا ما يثير فزعنا حين تخرج الحناجر خارج قبة البرلمان لتجهش بكاءً على اللبن المسكوب. كل ما نتمناه أن يحفظ الله هذا البلد بأيدي عقلائه ونبلائه وأوفيائه الذين وضعوا الوطن بين الرمش والرمش درءاً للأخطار، والأخطار التي تحيق بالمنطقة كثيرة. من هنا فإن حب الوطن والمطالبة بالحقوق لا تعني جرح الحناجر صياحاً، والاتكاء على خواصر غير خاصرة الوطن. الكويت رائدة في شحذ الوعي الإنساني في المنطقة فلا نتمنى أن تنزلق الأقدام في طين الأمطار الحمضية، ولا نتمنى أن تميل الرؤوس باتجاه جدران نعرف أنها لن تسند الكويت ساعة الحاجة. الكويت اليوم بحاجة إلى تكاتف الجميع والتفاف الجميع، واصطفاف القلوب لسد الثغور ضد أي مطمع أو مطمح. الكويت اليوم يجب أن تُعنى كثيراً بما صرح به أميرها الشيخ صباح الأحمد: “قولوا ما شئتم، واستجوبوا من شئتم تحت قبة البرلمان”، وعندما يدعو رئيس السلطتين الى البوح بلا تحريض، والى خوض السجال البرلماني بلا سحل للقيم الإنسانية التي تربى ونشأ عليها إنسان الكويت، فإن ذلك رسالة تحريرية ينبغي أن يقرأها البرلماني قبل غيره، ويتهجى حروفها لأجل أمن وكرامة البلد فقط، وعدم تعريضه للأهواء والأنواء والأدواء. نقول: حفظ الله الكويت من أي رث، أو حنث، أو غث، وأدامها منارة للفكر النير، والبوح السديد، وأدام منطقتنا ببحرها ويابسها بسلام ووئام.


marafea@emi.ae