بعض الناس يشترون أشياء غالية، ويظلون يشددون عليها الحراسة الأمنية، ويحوّطونها من كريم رعايتهم، وكبير اهتمامهم وعنايتهم، يدفعون ضريبتها من صحتهم وعافيتهم وتفكيرهم مدة طويلة، وتظل تشكل لهم هاجساً وتوتراً، ويظل الواحد منهم يحدب عليها، وكأنها أحد أطفاله الأعزاء، وتبقى تلك الأشياء العزيزة على نفسه مسببة له كل هذا الهلع والوجع والوسوسة طوال حياته.
فهواة السجاد الثمين، ليس لديهم عدو في الحياة مثل القهوة أو الجمرة أو ارتعاشة يد الشغالة أو نسيان طفل لحنفية الماء مفتوحة ويتسرب الماء إلى داخل الصالة أو ملل الزوجة التي تفاجئك عند عودتك في تلك الظهيرة القاسية أنها أعطت السجادة لمحتاجين، دافعة بلاء عنك وعنها وعن عيالها، لأنها قدمت وملت منها، وتريد تغيير ألوان وديكورات البيت، والسجادات القديمة تشعرها بنوع من الرتابة والكلاسيكية.
أما مقتنو الأقلام الفاخرة والثمينة والنادرة، والتي بالتأكيد خطها ليس بالجميل إذا ما كانت اليد غير ماهرة من الأساس، فأكره شيء عندهم أن تطلب منهم ذلك القلم الساكن في جيب الجاكيت أو الكندورة شمالاً جهة القلب أو المندس في جيب تحت بطانة الجاكيت الدافئة، ساعتها يطفر قلبه، وتظل عيناه على أصابع الطالب المختلس بأدب، لأنه حتماً لن يستطيع فتحه، ويظل يعالجه، وصاحبه يتلوى حتى يطلب منه قلمه المدلل ويفتحه برفق ويقدمه له مع نصائح وإرشادات للتعامل مثل كاتلوج شفهي، وبحكم التعود أو النسيان أو التناسي، فبعد الانتهاء من القلم والوظيفة التي أداها، يغلقه الإنسان ويضعه في جيبه بتلقائية وعفوية، وكثيراً بقصدية، ساعتها يبدأ صاحب القلم الحقيقي بالنحنحة والحنحنة، ويكح بدون وجع غير وجع احتمالية السطو على قلمه، وثم يبدأ بتذكير اللص الظريف بأهمية عودة الفرع إلى الأصل، وفوائد الذاكرة الحديدية التي تشبه ذاكرة الفيل، ثم يلمح إلى قصص تاريخية غير حقيقية أنه من الأعراف الدبلوماسية حين يتم التوقيع على معاهدة أو وثيقة أن يتم تبادل الأقلام بين الطرفين كجزء من الذكرى، طبعاً اللص الظريف يكون مستمتعاً بالقصة وناسيا موضوع القلم، ويطلب منه أن يكمل، والآخر يشعر بتقلصات حادة في الاثني عشر، ويعرف أن اللص الظريف ما إن يصل إلى بيته يمكن أن يرمي قلمه أو يعطيه لابنته الصغرى تخربش به حتى تكسر ريشته، حينها تصل الأمور عنده إلى ذروتها، ولا يستريح إلا حين يسله من جيب اللص الظريف دون خجل.
كذلك مقتنو المسابح الفاخرة ذات الأحجار الكريمة، يظل أحدهم مؤمناً هيّناً طيّعاً، لسانه رطب بالذكر والتوحيد حتى يطلب منه أحد أن يريه سبحته، وينساه الآخر في يده بقصد الاختلاس ويتناساه بقصد التسبيح، ساعتها يتحول من ظل الجنة إلى عذاب السعير.


amood8@yahoo.com