قبل أن نفرح كثيراً بإعلان وزارة الداخلية عن انخفاض الحوادث المرورية في الدولة، وتراجع الوفيات الناجمة عنها بنسبة 15% خلال الأحد عشر شهراً الماضية، فُجعنا بتلك الحوادث المؤلمة التي وقعت خلال الأيام القليلة الماضية، وبالذات وفاة الطفلتين الشقيقتين فاطمة وشيخة في حادث مروري مؤلم بالشارقة.
إن حوادث من هذا النوع تجدد الأحزان وتسرق الفرح بثمار جهد كبير تقوم به وزارة الداخلية وإدارات المرور في مدن وإمارات الدولة، وتثبت أن هذا الهاجس سيظل مؤرقاً لنا جميعاً لأنه مرتبط بصون الموارد البشرية التي توليها الدولة كل الاهتمام والرعاية، وتسخير الإمكانات لتنميتها من أجل استثمارها في تعزيز مسيرة الخير والنماء.
وكانت وزارة الداخلية وعلى لسان العميد غيث الزعابي مدير عام التنسيق المروري بالوزارة قد أعلنت أن الحوادث المرورية خلال الأحد عشر شهراً الماضية قد حصدت حياة 743 شخصاً، مسجلة تراجعاً بنسبة 15% مقارنة بالعام الماضي الذي شهدت فيه الحوادث المرورية 877 حالة وفاة. وأكدت الوزارة سعيها للوصول للهدف الاستراتيجي الذي رسمته لنفسها والمتمثل في خفض وفيات المرور بنسبة 1.5% لكل مئة ألف من السكان. وكانت الوزارة قد تمكنت العام الماضي من خفض نسبة الوفيات من 13.3% لكل مئة ألف من السكان في العام 2008 إلى 10.1% في العام الماضي.
إن تنفيذ هذه الاستراتيجية التي تسعى إليها وزارة الداخلية، يتطلب تعاون الجميع وتفاعلهم مع برامج وخطط وحملات الوزارة وإدارات المرور وبحاجة أيضاً إلى الاستمرار في التعامل الصارم مع مخالفي القوانين، وبالذات مجانين السرعة الذين يعتقد الفرد منهم أنه يقود طائرة، ما أن يستقر خلف مقود سيارته. البعض من هؤلاء أصبح يتباهى بأنه دفع غرامات بعشرات آلاف الدراهم مخالفات رادار. ولا ينظر إلى الأمر بما يمثله من خطر على حياته وحياة الآخرين. وترى ذلك الذي يرى نفسه ملك زمانه والطريق له وحده وهو يسير بسرعة البرق على الطريق، وقد تحول إلى حمل وديع يستجدي رجل المرور لكيلا يسجل عليه مخالفة جديدة، لأنه اقترب من المرحلة الأخيرة للنقاط السوداء. إن تشديد العقوبات بحق هؤلاء المخالفين من أهم عوامل إنجاح استراتيجية وزارة الداخلية لخفض وفيات الحوادث المرورية، وهذه الحوادث إجمالاً.
وإلى جانب هذا الجهد فإن بقية الدوائر الخدمية مدعوة للتفاعل مع الاستراتيجية من خلال تعزيز السلامة على الطرق بتوفير المعابر الآمنة للمشاة من جهة، وتوفير أرقى متطلبات السلامة العامة لمستخدمي الطرق الداخلية والخارجية منها على حد سواء.
وكي تؤتي استراتيجية الداخلية ثمارها، على الجميع التفاعل معها والحذر من مجانين الطريق الذين يسرقون في لحظة غفلة وعدم انتباه فرحة الأبرياء كما ذلك الحادث المؤلم الذي وقع في شهباء الشارقة الجمعة الماضي، وحصد زهرتين صغيرتين بريئتين كانتا تحملان أحلاماً كبيرة لهما ولأسرتيهما ووطنهما الكبير، ووضع أفراداً من أسرتيهما في حالة حرجة.
ونحن نحيي هذا الجهد لوزارة الداخلية وإدارات المرور في الدولة، نتمنى المضي وبقوة في ردع المستهترين باللوائح والقوانين والسرعات المحددة على الطرق.


ali.alamodi@admedia.ae