الزواج من أجنبيات في الإمارات موضوع مفتوح على الهواء مباشرة، لأنه تحول من حالة أو قضية فردية شخصية لا تعني إلا صاحبها - وتندرج غالباً تحت عنوان الحقوق الشخصية للرجل - إلى ظاهرة اجتماعية انعكست سلباً على تركيبة المجتمع وعلى مجموعات كثيرة من الأبناء الذين انتجتهم الزيجات المختلطة، فهم مواطنون إماراتيون لا يتحدثون العربية، ولا يعرفون شيئاً عن مفردات هوية بلدهم الذي يحملون أوراقه الثبوتية، ليفاقموا بالتالي أزمة الهوية التي نحاول جاهدين معالجتها على جميع المستويات ومن قبل المنتمين كافة لهذا الوطن العزيز!
المطلوب هنا مناقشة هذه القضية بعيداً عن حس الأنانية لدى البعض من الرجال، ففي لحظات تاريخية معينة يتوجب على أفراد المجتمع نكران نرجسيتهم بعض الشيء والتفكير بشكل أوسع وأعمق وأكثر بعداً، فمستقبلنا في هويتنا وفي تمسكنا بملامح شخصيتنا القومية، أما الذوبان في ثقافات الآخرين فإنه مؤشر ونهاية غير محمودة على الإطلاق، هذا لا يعني الانغلاق ولا العزلة أبداً، فهناك فرق بين المفهومين والاتجاهين، وعليه فنحن اليوم مطالبون بوقفة توعية، وتوضيح أبعاد هذا الاندفاع نحو الأجنبيات، والذي لا يرى فيه كثير من الرجال أي اعتداء على حرية أحد ولا على دين أو عرف أو قانون، ذلك صحيح، لكنه من منظور آخر يشكل خطراً على هوية هذا المجتمع ومستقبله.
يقول قارئ كريم أرسل يناقش هذا الموضوع “ ... لا يوجد ما يميز الأجنبية عن ابنة البلد أبداً، ولكن توجه الشباب للزواج من أجنبيات كان بسبب سهولة الزواج وقلة التكاليف الخ، لكن المشكلة هنا أن نسبة الإناث تعادل تقريباً نسبة الذكور في الإمارات، فإذا علمنا أن هناك من يعزف عن الزواج، والبعض لا يتزوج إلا في سن متأخرة، والبعض يلجأ للزواج بأجنبية، والنتيجة ارتفاع نسبة الإناث غير المتزوجات، إضافة إلى وجود أطفال لا علاقة لهم بهوية الإمارات وتراكمات أخرى عديدة ..”
ويذكر القارئ حادثتين في هذا السياق “الأولى عندما دخل شاب آسيوي إلى إحدى الدوائر المحلية يطلب وظيفة كانت محصورة في نطاق المواطنين، فأخبرته موظفة الاستقبال بذلك، فما كان منه إلا أن أخرج جوازه الإماراتي وجنسيته، في الوقت الذي لم يكن يتحدث العربية مطلقاً!
والحادثة الثانية تتكرر كثيراً حول أولئك الشباب الذين يدرسون في الغرب ويتزوجون من هناك وينجبون أطفالاً لا يستطيعون إعادتهم إلى أوطانهم إذا حدث الطلاق، ولا تربيتهم بما يتفق مع عادات وهوية وطنهم لأسباب تتعلق بالأم أحياناً وبالأب أحياناً أخرى، والنتيجة وجود نسبة من أبناء الإمارات في الخارج لا يمتون للإمارات بصلة لكنهم يحملون جنسيتها في نهاية الأمر..! وهناك قصص كثيرة.
إن أكثر الفئات طلاقاً هم المتزوجون من أجنبيات من خارج منطقة الخليج والجزيرة العربية، وحتى من بين الإماراتيين، لكن تلك الزيجات غالباً ما تخلف مآسي وإشكالات وتعقيدات لا حلول لها لا على حساب الأبناء وعلاقتهم بمجتمعهم للأسف، ألم يحن الوقت لرسم ضوابط فيما يتعلق بآلية الزواج من أجنبيات وبشكل يقنن الظاهرة.
فلا نحتاج إلا إلى قرار يحمي بناتنا اللواتي تضررن من هذه الظاهرة ويحمي أبناءنا جيل المستقبل، وهنا فإن هذه المطالبة ليست عنصرية ضد أحد لكننا فقط نحمي جيلنا ونستثمره للمستقبل!


ayya-222@hotmail.com