من عادة الإنسان الأزلية الأخذ بالاحتياط لتجنب الفقدان والعجز.. فكان الناس يخزنون الفلس الأبيض لليوم الأسود، فإن الصائمين أيضاً يسعون إلى تكديس كميات هائلة من المياه في الجسم قبل السحور تحاشياً للعطش أثناء النهار.. وهذا ما تدحضه دراسة طبية في مستشفى القصر العيني في القاهرة، حيث تؤكد الباحثة هبة ابراهيم المُدرسة في المستشفى، أن كميات المياه التي يشربها الإنسان التي تزيد عن حاجة الجسم تصرفها الكلى بعد ساعات ولا يستفيد الجسم من أي كمية إضافية، أما عن اتكال الناس الصائمين على الماء المثلج على اعتبار أنه يروي العطش فهذا تؤكد الدكتورة هبة إبراهيم خطأه.. لأن الماء المثلج بل وكل المثلجات تقوم بتقليص الشعيرات الدموية ما يسبب الاضطرابات المعوية، وتنصح الباحثة بأن يعتمد الصائمون على الماء العادي والذي يفيد ولا يضر، وبكميات لا تزيد على 2 إلى 3 لترات.
ما يفيدنا من هذه الدراسة القيِّمة، أن الماء الزائد كالطعام الزائد، فإنه يكوي الجسم ولا يروي، ويضاعف من الأمراض الطارئة ويصيب الجسم باضطرابات معوية وهضمية، إضافة إلى الأمراض الأخرى كمرض السكري والضغط، المرضين اللذين أصبحا من الأمراض الوبائية التي لا يخلو بيت من إصابة فرد أو أكثر بأحدهما.
الصيام رياضة للجسم والنفس فلا تضيعوا هذه الفرصة، ولا يسلبكم الهلع، فائدة هذا الشهر الفضيل، ولا يدفعكم الخوف من الجوع، إلى التهام وجبات تزيد كثيراً عن حاجة الجسم.. التخفيف من الأكل، تجفيف حقيقي لمنابع مرض السكر والضغط، وهو أيضاً عافية وشافية من أعراض كثيرة تداهم الكثيرين، من الذين يكرمون بطونهم إلى درجة الانتفاخ والعجز عن القيام بأي حركة، ما يجعل الجسد عرضة لأي مرض خطير.
صيام رمضان يحتاج إلى قدرة نفسية على مقاومة المغريات الشهية من الأطعمة، وبخاصة تلك التي تمتلئ بالمواد السكرية المميتة، يراها الصائم عند الإفطار أنها العسل المصفى، ولا يدري أنها تخبئ في ثناياها الأخطار والأهوال، ونصير نبكي ونشتكي يوم لا يفيد البكاء على السكر المسكوب في أنسجة الجسم.. صوموا عن الطعام الزائد تصحوا، واعتصموا بالقناعة، والرضى بالمعقول، تجدون العافية والصحة، والابتسامة الشفيفة، وإشراقة الوجه.. بعد شهر الصوم يأتي العيد، وفي العيد نتمنى للجميع أن يكونوا قد قضوا صياماً عن الكلام الزائد والطعام البائد، والمثلجات التي تُهري البدن ولا تشفع لعطش.
الصحة تاج مرتش بالفرح، فلا تضيعوا تيجانكم بسبب أطعمة تضر ولا تفيد.. عافاكم الله جميعاً.


marafea@emi.ae