التعامل مع مشاكسين منذ الطفولة إلى الكبر مهمة لا يحتملها جيمس بوند بسلامة قدره، فالركض وراءهم وملاحقتهم كي يناموا مبكراً استعداداً ليوم غد الدراسي، أو ليفتحوا الكتب التي ما زالت صفحاتها براقة نظيفة، أو حتى ليغسلوا أسنانهم ( وهم لسبب مجهول يهربون من ذلك) أشبه بالركض في حديقة غناء لجمع الفراشات. ترويض الصغار وتعويدهم على النظام مشكلة تحتاج لمجلس الأمن كي يتدخل فيها، دائماً يتسللون من أمامك كالزئبق، لا تستطيع حصارهم ولا تعرف كيف يمكن الضغط عليهم، لديهم أعذار عشرة لكل طلب تطلبه منهم، وعندهم من الحجج الكثير لإقناعك بأنهم ذاكروا لامتحاناتهم برغم أنك لم تر كتاباً في يد أحدهم منذ كان في الرابع الابتدائي. السيطرة على زمرة من الأولاد تعصف بعقلي كل مساء، وأكاد أجزم أن هناك بيوتاً كثيرة تمر فيها الزوابع المسائية مع الشبان الصغار لضبط مواعيد خروجهم من البيت أو تناولهم للعشاء المنزلي أو حتى إيقافهم عن العراك. لجأت لكتب التعامل مع المراهقين كي أعرف ما هي أقصر الطرق للحصول على رضاهم، فوجدت الكاتب يضع أربعة احتياجات لهم ملخصها: 1 – احتياج المراهق للتقدير وذلك بتعزيز الإيجابيات وتركيز الإنجازات. 2- الحب والانتماء من خلال إبداء المشاعر الإيجابية من خلال الألفاظ والسلوكيات والهدايا ..الخ 3- الحرية من خلال إعطاء فرصة للحوار والأمر يعرض عليه ولا يفرض، والخطأ مقبول وليس خطيئة ويحاسب على الخطأ ولكن يظل الحب للشخص لذاته. 4- الترويح والترفية ومشاركته في ذلك وتخفيف ضغوط الحياه عليه. حين قرأت هذه الأسباب شعرت بأن الكاتب ماهو إلا مراهق متخف! يود الحصول على أكبر ابتزاز عاطفي من المحيطين به، وتذكرت أني في يوم ما كنت مراهقة ولم أحصل على أي من الاحتياجات الأربعة أعلاه، لكني لم أتحول إلى عنصر فاسد حاقد يريد تدمير المجتمع. قررت أن أهجر الكتاب الذي شككت بعمر كاتبه لأذهب للعم «جوجل» هذه المرة وجدت 175 ألف نتيجة بحث تتحدث عن أساليب التعامل مع المراهقين، لم أستطع قطعاً تقليبها جميعاً، لكني ولجت على بعضها، فوجدت المسألة أشبه بالمثل الشعبي القائل «اربط صبعك كلن بينعت لك دواء» بمعنى أن كل موقع نصب نفسه خبيراً نفسياً لحل هذه المعضلة. قررت أخيرا أن طريقتي هي الأجدى، عقدت مجلسا لهم وأمليت عليهم القرارات الجديدة ، كتبتها في ورقة وعلقتها في غرفتهم، وبدأت مرة أخرى في التنبيه على المذاكرة، النوم، غسيل الأسنان، عدم الخروج بعد العشاء احترام حقوق من في البيت .. الخ .. الخ..