لأن العالم يشهد تصدعات سياسية وثقافية واجتماعية، ولأننا في منطقة الخليج العربي نقع في مقلة العالم وما بين حاجبيه، تستدعي الظروف الراهنة أن يقف خليجنا على صفحة إعلامية واحدة، منطلقاً من شاشة واحدة، تعبّر عن آمالنا وطموحاتنا وتحفظ حقوقنا التاريخية، في التوجه إلى العالم بصوت واحد، ورؤية مشتركة .. دول الخليج العربي في تعاونها الإعلامي، وتنسيقها الخطط الثقافية، تستطيع أن تصد وترد افتراءات كثيرة، وادعاءات أكثر، خاصة أن المنطقة تقع بين فكي أطماع جيّاشة، تحاول أن تستقوى على حساب مصالحنا ومصيرنا، الأمر الذي أصبح ملحاً في أن تتوجه دول المجلس نحو الالتفات والاصطفاف حول القضية الواحدة، قضية إنسان دول المجلس ومستقبله، وما يهدده ويتوعده من مخالب شيطانية تحتاج إلى الوعي الإعلامي المرتب والمهذب، والمنتمي إلى أرض الناس، الذين يعيشون على هذا التراب الطاهر.. لغة إعلامية واحدة، تستطيع أن تلون صفحات التاريخ، بإشراقة غد، وأحلام تتساوى وتتوازى مع قدرات الإنسان وطاقاته وأدواته العقلية والثقافية.. في عالم مفتوح النوافذ، مفرود الأجنحة، يتطلب منّا وعياً إعلامياً ويحتاج إلى نوارس إعلامية، تحلق جيداً وتحدق ملياً في أتون الأخاديد والتجاعيد، التي تملأ الجغرافيا وتعج بها التضاريس.
دول مجلس التعاون، بمقوماتها الاقتصادية عالية الجودة، وقدرات أبنائها الذين تبوأوا أعلى المناصب العلمية في مجال الإعلام، تستطيع أن تبني صروحاً إعلامية قوية، وراسخة واثقة، تقف نداً قوياً في مواجهة الرياح العاتية، وتحمي الديار من تسريبات مغرضة، أهدافها واضحة ونواياها لا تخفى على أي عاقل .. دول التعاون بعد أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، أصبح أمامها الطريق معبداً، لأن تخوض التجربة الإعلامية المشتركة، بكل جرأة وشفافية، وتستطيع أن تواكب العالم في ثورته الإعلامية المذهلة .. دول التعاون وهي تجتمع بقواسم إنسانية وحضارية وثقافية مشتركة، تستطيع أن تخطو خطواتها الإعلامية المشتركة، من دون ما يعكر أو يكدر، فالهم واحد، والنسيج الاجتماعي والثقافي في أجمل تلاحمه، وأوج انسجامه، مما يجعل المضي في طريق التقاسم الإعلامي أمراً أبسط من سيولة مياه الخليج على شطآنه الغراء، وبعذوبة ماء زمزم وصفائها.. دول مجلس التعاون إذ تحظى بموافقة المجلس الأعلى على مشروع العمل الإعلامي المشترك، إنما تضع اللبنة الأكيدة باتجاه أواصر أكثر تماسكاً، وأكتاف أشد تلاحماً، وقلوب تنبض بعشق المكان، لأجل أن يبقى المكان دائماً على قمم الدوح، يصدح باسمك يا خليج.. يا أريج البوح..


marafea@emi.ae