في لقائه قيادات إعلامية بدبي لامس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وتراً حساساً في الأداء العام ولدى العاملين، وسموه يدعوهم “إلى عدم الخشية من الأخطاء وإنما التعلم منها”. ويقول “لا أعاقب إنساناً لأنه أخطأ، بل على العكس من ذلك، فالخطأ عندي هو مؤشر العمل، ومن لا يخطئ بالضرورة لا يعمل، ولكن هناك شرطاً واحداً، ليتعلم كل منكم من خطئه”.
وقد ذكرني هذا الموقف بمقولة لي كوان يو مؤسس سنغافورة، وهو يدعو لمكافأة المجتهدين، وإن أخطأوا ومحاسبة الذين لا يخطئون لأنهم ببساطة لا يعملون.
في مواقع عديدة من مواقع العمل تشاهد فريقاً يعمل، وفريقاً يتفرج بانتظار” طيران” الفريق الأول أو ثلة منه ومن قياداته، لأن أخطاءه كثرت بينما هم يتفرجون، ويعتبرون حالة الجمود التي يعيشونها ضماناً لديمومة استمرارهم في مواقعهم. بل إن الخوف من الخطأ كان مدعاة لتفضيل البعض للخبرات الجاهزة المستوردة بدلاً من إتاحة الفرصة للكوادر المحلية لإثبات وجودها وكفاءتها في مواقع هي أمس ما تكون للثقة فيها حتى تتعزز ثقتها بنفسها لتمضي في العمل الموكول إليها. ولدينا من الشواهد الكثير والكثير. فالخبرات التي يتم الاستعانة بها هنا أو هناك، لم تتراكم لديها هذه الخبرة المعرفية والعملية إلا بعد أن وجدت من يثق فيها ويمنحها الفرصة لإثبات وجودها من دون تعليق مقاصل أو مـــشانق التحذير من الوقــوع في الخطأ. إن مهابة وتهيب الخطــأ أوجد فريقاً في بعض مؤسـساتنا تخصص في البحث عن أخطاء الآخــرين من أجل أن يبقى هو في مكانه وموقعه، ويتخلص ممن يعمل.
واليوم ومع انتشار برامج التميز في الأداء في العديد من الدوائر والجهات الرسمية وحتى الخاصة، يشعر الفريق الخامل بأن البساط يسحب من تحت أقدامه، وأن رحلة البحث عن التميز والمتميزين لا تقبل بوجود “المتكلّسين” ممن يعتقدون بديمومة بقائهم من دون عمل حقيقي أو إنتاج، فنجدهم يركزون على من يخطئ إذا ما حاول العمل والإتيان بجديد يضيف إلى مستوى الأداء فيه.
ولاشك أن مناخات تشجيع روح الإبداع والابتكار ستدفع الجميع إلى الانخراط بروح جديدة في العمل من دون أن يسيطر عليهم ذلك الخوف من الخطأ، فعملية التحرر منه أولى خطوات الطريق نحو الإبداع والتميز بعيداً عن تلك العقد والمخاوف التي ينشرها عشاق التجمد في الوظيفة العامة. وإذا ما نظر المرء للذين يتصدرون منصات التتويج في برامج التميز، نجدهم أفراداً ودوائر ومؤسسات ممن ودعوا رهبة الخوف من الخطأ وقرروا بدء العمل دون النظر إلى الخلف، وفتح صفحة جديدة تستفيد من الخطأ ولا تكرره، بل وتطور تجربة الخطأ نحو أفق جديد يقود للنجاح والتميز يضرب به المثل على قوة الإرادة وروح التصميم على تحقيق النجاح.
واليوم نحن جميعاً مدعوون للأخذ بيد من اجتهد وأخطأ وتشجيعه على أن ينهض من جديد، ويحاول مرة أخرى إن كان فعلاً يريد أن يعانق التميز والنجاح.


ali.alamodi@admedia.ae