هل يستمتع الأب أو الأم أو غيرهما برواية القصص لأطفالهم، ويأخذهم السرد والسحر والخيال كما يأخذ الأطفال؟، وهل يجوز القول بأن فقدانهم لسِحر الطفولة وعفوية الاستقبال يُعَد درباً من الاستعاضة عما فات، لذلك يلجأ مَن يلجأ منهم إلى التدرب على إسعاد طفل بسرد حكاية؟، هل لا تتعدى تلك المسألة سوى أحد أشكال الاتصال بين كبار السن وصغاره، فلا يجب أن نُحمِّلها أكثر من ذلك؟، أياً كان نوع الأسئلة أو عددها، إلا أن الثابت هو حالة الطفل المتشوق لسماع المزيد، طالما أن هناك ما يدفعه إلى ذلك؛ من السارد ومنه، ليلفي نفسه غارقاً في وضعٍ مُسترسل مع نظامه اللغوي الخاص بعالمه السري، فليس لكل ما يسمعه نفس المعنى الواضح، بقدر ما أن عملية الاستقبال والتعامل مع صور وعوالم القصة؛ يأخذ مناحٍ مختلفة بالطريقة التي تجعل منها ذات قانون سردي وصوري مُنْبَت الصلة عن عالمنا نحن. وعندما يسلم الطفل نفسه للاستماع؛ تغزوه بهجته الخاصة، وقد يشت أو يترونق أو ينام، وما إلى ذلك من ردود أفعال. أما ماذا لو بدأ ودأب هذا الطفل على سرد الحكايات وتمثيلها، متخذاً له طفلاً آخر، من النوع الذي لا يتحرك، ولا يعترض، ولا أي شيء سوى الالتزام القصري بالوضعية التي تم تحديدا له، كون هذا النوع من الأطفال ليس إلا لعبة أو عروسة. كيف يتخيل طفلنا السارد؛ طفلنا الساكت؟، وإلام يعزو السارد موقعه؟، أيعتبر نفسه كبيراً بما يكفي ليتخذ لنفسه طفلاً يمارس من أجله كما عليه أبوته مثلاً؟. أياً كان هذا هو المهم، فالأهم هو تلك العلاقة المبنية على ثقة مُطْلَقة بين الاثنين، إذ يتحول الطفل الساكت مع الوقت إلى كائن حي فعلاً له تاريخ ميلاد، وبالتالي سيكون له يوماً تاريخ وفاة، وطفلنا السارد يكون قد حصل على فرصة لبناء عالم محدد لهوية أناه، بما يتكافأ مع عِصاميته هو، فإنجاز الاختلافات في العوالم بشتى أنواعها هو غريزة بشرية، وما أدل على ذلك غير قانون النمو اللصيق بكيوننتا الزمنية. فأي اختراع لكائن موازٍ من خلال لحظة سرد مميزة لصاحبها؛ هو إضافة إلى الحياة، وتصحيح ربما، وتعرف على فردانية الذات، والمغامرة من مبدأ كونها مياه نهرِ جارِ، يأخذ في طياته الرائق والبائس، ليكتشف ويخلق حيوات جديدة قبل أن يعي لأي ظرف في الوجود أن يمنحه وسام الجفاف الأبدي، فلا يُصبح ساعتها أمام الكون السارد الفسيح، غير تلك اللعبة الصامتة، التي تشبه فيما تشبه؛ الموت والسجن وأدعياءهما؛ كالصمت والمرض... إلخ. eachpattern@hotmail.com