في كل مرة تعقد فيها قمة مجلس التعاون يقفز إلى السطح سؤال تقليدي لدى الإنسان الخليجي البسيط، هو ما الذي تحقق منذ أن أطلق الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمة الله فكرة مجلس التعاون؟ تلك الفكرة الوحدوية الرائدة وحتى يومنا هذا.. وما هي القرارات التي تمخضت عنها اجتماعات قادة دول المجلس والممتدة طوال الـ 31 عاما؟ لقد كانت الطموحات والتطلعات كبيرة جداً، والآمال أكبر من تخيلها لدى الإنسان الخليجي البسيط، فالفكرة بحد ذاتها تكفي لقيادة المنطقة إلى فضاءات أرحب على خارطة التقدم والإزدهار. كثيرة هي الملفات التي ناقشها القادة في الدورة الحادية والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربي والتي اختتمت أعمالها بأبوظبي الثلاثاء الماضي، لكن أهمها في رأي الشخصي قضية المياه، وتغيير المناخ التي استحوذت على مناقشات الدورة الحادية والثلاثين، وجاءت مناقشتها بهدف اتخاذ خطوات جادة وصريحة تجاه قضية تمثل وستمثل الهاجس المؤرق لدى العالم خلال السنوات القليلة القادمة، وليس دول الخليج فحسب، إذا لم يتم التصدي لها بالطرق والاستراتيجيات السليمة التي تضع الحلول فى المديين المتوسط والقريب. ولهذا أقرتها الدورة الأخيرة «كتوصيات ذات اولوية قصوى»، ترفع الى اللجان المختصة ليتم استصدار تعليمات بتنفيذها، واعتبرها سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، في المؤتمر الصحفي من أكبر التحديات التي تواجهها دول المجلس ووصفها بـ«المقلقة». وغني عن البيان أن كل الدول العربية تقع ضمن دول الفقر المائي حيث يتراجع نصيب الفرد العربي من المياه سنة بعد أخرى، وكما يقول الخبراء إن الحروب القادمة قد تكون حروباً على المياه، وقد استطاعت دول مجلس التعاون الخليجى خلال العقود الماضية ابتداع العديد من السبل لتوفير احتياجاتها المائية، منها استخدام التكنولوجيا في التحلية، وكما تقول الدراسات إن 50 % من محطات التحلية فى العالم توجد فى منطقة الخليج .. ولم يتوقف الأمر عند التحلية بل كانت هناك استراتيجيات للاستفادة من مياه الأمطار بشكل أكثر من جيد من خلال السدود التى تنتشر فى كل الدول العربية، وأخيرا كانت محاولات ترشيد المياه من خلال استخدام الأساليب الحديثة فى الزراعة، مثل الزراعة من دون تربة «الهيدروكربونية»، أيضا شهدت تقنية إعادة استخدام مياه الصرف الصحي في الزراعة تقدما كبيرا، في كل الدول الخليجية، وفي أبوظبي على وجه الخصوص. إن المخصصات التي تعتمدها الحكومة في الإمارات لتحلية المياه تتزايد بشكل مستمر. وخطط الحكومة للاستخدام السلمي للطاقة النووية في المستقبل في عمليات التحلية تؤكد أن قادتنا يفكرون للمستقبل، من أجل ذلك كان القرار بإنشاء محطات نووية الهدف الرئيسي منها هو توليد الطاقة النظيفة واستخدام هذه التقنية في تحلية مياه البحار. لكن كل ذلك لا ينفي أننا فى كل المنطقة العربية بحاجة إلى استراتيجية لمواجهة التحديات التى باتت تؤرق هذه الدول، فالحقيقة التي لا يمكن حجبها هي أننا نعيش وسنظل في حزام الفقر المائي، وبالتالي لا سبيل سوى ترشيد استخدام المياه سواء في المنازل أو في الزراعة.