كل لحظة صغيرة نعيشها هي درس كبير، والغاية العظيمة لدى الناس العظماء هي التعلم من الدروس والاستيقاظ لرؤية ساعة الزمن باعتبارها المعلم الأكبر الذي يظل يلقي في طريقنا العبر لكننا لا نعرف كيف نقرأ الاسرار وكيف نستفيد منها. وكل عثرة وكل صخرة تعوقنا عن الوصول نظن أنها الشر أو أن الحظ قرر أن يعاندنا فأوقعنا في الطرق المسدودة، ولكن بعد زمن يدرك اكثرنا أن تلك العوائق هي التي علمتنا اجتناب الوقوع في الهاوية وهي التي أجبرتنا على الانعطاف ناحية المكان الذي يجب أن نسير إليه او المكان الذي يتمنى القلب الوصول إليه. والحياة بطبيعتها في صعود ونزول، ونحن نرتفع ونهبط في موجاتها، بعضنا يستسلم وينكس اشرعته الى أن تنكسر سفينته على صخرة الجهل او اليأس. لكن الذي يؤمن في اعماق قلبه بروعة الحياة وحلاوة الوانها، يدرك أن لذة الشعور بالسكينة تأتي بعد مشقة العبور وسط العاصفة، وان الغيوم الثقيلة، مهما اشتد سوادها، لابد أن تنقشع تحت أشعة الشمس لتعود السماء صافية من جديد، والبشر انما يتبعون الوهم عندما يخافون من التقلبات الكبيرة التي تحدث في حياتهم ولا يمعنون النظر في الدرس العظيم الذي تقدمه لهم الحياة. إنه درس اللحظة ولا يهم ان كانت حلوة او مرة، لكن المهم أننا نراقب كيف تحدث الامور وكيف تتصل خيوط وجودنا ببعضها وإلى أين تفضي بنا. مراقبة الاحداث والظروف التي نمر بها لا يعني اننا لا نشارك في صنعها، ولكن يعني قدرتنا على مواجهتها مهما تغير لونها او شكلها. والعقل او القلب الذي يراقب نفسه ويراقب انحناء المجرى في نهر حياته يصبح اكثر صلابة عند المنحدر، ومهما اشتدت قسوة الصخور فإن ارتطامه بها يكون غير مؤثر إلا في المظهر والشكل لأن جوهره الواعي لا يتغير. وما نتعلمه في الحياة يصبح ملكاً لنا وحدنا. كل انسان يملك خبرة متفردة بالوجود يراكمها في كل لحظة. الخائف يملك خبرة بالخوف لا يعرفها غيره، وكذلك الشجاع والمشلول والهارب. والفروق بين هؤلاء ليست كبيرة الا على مستوى الوعي، عندما يدرك احدهم أنه إنما يعيش ليتعلم وليرتقي بفهمه، بينما البقية يلهثون وراء السراب ويكون مصيرهم الضياع في الفراغ العظيم. واقفاً تحت نافورة الطيور ولكن لا أطير جالساً على صخرة الصمت أغني أراقب فيلم الحياة بطيئاً وسريعاً حزيناً وسعيداً بلا نهاية او بداية ظلي يلاحق الابطال ويهزم خيولهم وانا لا أصفق ولا أملك يداً أو لساناً انما قلبي يصغي إلى الضوء وهو بعيد akhozam@yahoo.com