كنت في قاعة تجديد المركبات بالمركز الرئيسي لمرور أبوظبي، وقد اكتظت بمراجعين انتهوا من فحص سياراتهم في الساحة المخصصة لذلك على يد فنيي شركة بترول أبوظبي الوطنية” أدنوك”. كنت أتأمل هذا المشهد الحضاري الذي فرضه التزام الجميع بالنظام، وانتظار دوره بحسب الأرقام التي يوزعها الجهاز المخصص لذلك بإشراف شرطي.
وأبحرت بي الذاكرة إلى لتلك الأيام الخوالي، حيث كان يتكدس الناس أمام الموظف في إدارة الترخيص من أجل أن يخلصوا معاملاتهم، ووسط الفوضى والزحام يبدأ التفكير في البحث عن واسطة أو شخص من أجل سرعة إنجاز المعاملة التي تمضي اليوم بكل انسيابية على يد موظفات كفؤات ضمن نظام إداري عالي الأداء تخلص من كم الورق الكثير الذي كانت تتطلبه عملية تجديد ملكية أو تسجيل السيارة كل عام. وفي كل مرة يراجع فيها المرء هذه الإدارة يخرج معتزا بما يضاف من تسهيلات وخدمات تقدم من سرعة إنجاز معاملاته، طالما أن صاحب المعاملة هو نفسه وبياناته الشخصية لم تتغير الأمر الذي يدفع للاستغراب من حال دوائر مماثلة تصر على طلب كم من الأوراق، للتأكد من أن الماثل أمام الموظف هو صاحب المعاملة ولا أحد غيره. وهل كنا بحاجة فقط إلى جهاز أصم ينظمنا كبشر، في مكان كهذا من الأمكنة العامة. ومن دونه يتحول المكان إلى فوضى وارتباك لعدم وجود من ينظم دخول المراجعين واستفادتهم من الخدمات بالصورة المطلوبة.
إن هذا المشهد من الأداء السلس والمريح في التعامل بحاجة إلى أن تستفيد منه جهات أخرى، لا زالت تصر على الإقامة في الزمن الجامد للأوراق العتيقة. ومثل تلك البيئات المعقدة لا تفرخ سوى أمراض إدارية ، لعل أبسطها البحث عن واسطة لتسريع إنجاز معاملة هنا أو هناك.
وما يتجدد الحديث بشأنه، كلما ذهب المرء لتجديد ملكية مركبته لدى قسم ترخيص الآليات والمركبات في مرور أبوظبي، هو الخطوة التي أقدمت عليها شركة بترول أبوظبي الوطني” أدنوك” برفع رسم فحص المركبات بنسبة مئة بالمئة من 60 درهما إلى120 درهما. وقد كانت خطوة غير مبررة قياسا بالتبريرات التي ساقتها لنا الشركة وهي تعلن مع بقية الشركات رفع أسعار المحروقات ووقود السيارات تحديدا، والذي بررته بأنها تقوم بشراء البترول وفق الأسعار العالمية ومن السوق العالمية. ولا أعتقد أن كلفة الفحص من رواتب الفاحصين والورق والكمبيوتر والأجهزة قد ارتفعت لتبرر هذه الزيادة التي فرضتها الشركة. إلا أن الجو المريح الذي يميز التعامل المنظم في القسم ينسى معه المراجع هذه الكلفة من جانب الشركة. نعود مرة أخرى إلى الدعوة لكافة الجهات لتبني مبادرات تنظيمية من أجل توفير الأجواء المريحة لمراجعيها بعيدا عن التعقيدات وطلب أوراق لا أول لها ولا آخر. ولا أعتقد أن شرطة أبوظبي قد تعاقدت مع خبير أجنبي أو بيت خبرة خارجي، لإرساء أول مبدأ في تبديد التعقيدات، والمتمثل في عدم طلب أوراق إضافية من المراجع طالما أن بياناته الأساسية لم تتغير!.


ali.alamodi@admedia.ae