بعد أن قطع مجلس التعاون الخليجي شوطاً كبيراً في تعزيز التلاحم والتقارب وتسهيل التنقل والعملة والسوق المشتركة والربط الكهربائي والقطار الخليجي وغيرها من القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، رفعت قمة أبوظبي التي اختتمت أمس في العاصمة أبوظبي شعار أمن المواطن الخليجي، بالعمل على توفير ودعم وتعزيز أمنه المائي والغذائي، الذي كان له نصيب الأسد والاهتمام الأكبر في القمة التي ناقش فيها قادة الخليج العديد من الملفات والقضايا، وكان ختامها إعلان أبوظبي الصادر عن الدورة الحادية والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي أوصى باتخاذ خطوات جادة وحثيثة نحو استراتيجية خليجية شاملة بعيدة المدى بشأن المياه يتم اعتمادها من قبل المجلس الأعلى كتوصيات ذات أولوية قصوى ترفع للجان المختصة ليتم استصدار تعليمات بتنفيذها وتأخذ في اعتبارها كافة القضايا ذات العلاقة.
وأكد “إعلان أبوظبي” على ضرورة الربط بين ضمان أمن المياه وتنويع مصادر الطاقة والأمن الغذائي كضرورة حيوية وأولوية استراتيجية لمستقبل بلدان الخليج، والتعامل بجدية وكفاءة مع مؤشرات الأداء البيئي العالمية ومؤشر البصمة الكربونية، من أجل تحسين موقع دول المجلس خاصة في مجال المياه الطاقة ونوعية المياه الجوفية والندرة المائية.
إن توجه قادة مجلس التعاون نحو الأمن الغذائي والمائي وتوفيره لشعوبهم من شأنه أن يعزز من مكانة الكيان الخليجي ويواكب في الوقت نفسه التطورات العالمية، وما يعنيه العامل من تغير المناخ وتأثير ارتفاع درجات الحرارة على المحاصيل الزراعية وشحها في العديد من دول العالم، ولعلنا تابعنا جميعاً قضية القمح العالمية نتيجة ما تعرضت له روسيا وأميركا وآثاره على العالم أجمع، وعندما يضع قادة التعاون الأمن الغذائي وقضية شح المياه في المنطقة التي حباها الله بثروات طبيعية منها النفط والغاز، لكن في الوقت نفسه ولظروفها المناخية تعاني من شح كبير في المياه الجوفية، مما جعل منطقة الخليج تستحوذ على نصف حصة المياه المحلاة في العالم، رغم صغر حجمها، ولكنها تعتبر من أكثر دول العالم نمواً وتطوراً، وتزايداً في عدد السكان مما يجعل حاجتنا للمياه سواء للاستخدامات اليومية أو الصناعية أو الزراعية تتضاعف عاماً بعد عام مع ازدياد شحها، وهو ما يتطلب تدخلاً من القادة لتوفير وتأمين والتقليل من استنزاف المياه والحفاظ على هذه النعمة الغالية التي قال عنها المولى عزّ وجل، “وجعلنا من الماء كل شيء حي” (الأنبياء 33).
وإذا كان قادتنا في دول الخليج اتفقوا على العمل الجماعي والمشترك للحفاظ على تأمين المياه لأبنائهم وشعوبهم، فإننا كأبناء الخليج العربي وكل المقيمين على أرضه يجب علينا أولاً تنفيذ توجيهاتهم السامية والاسترشاد بها والعمل على تنفيذ برامجهم وخططهم الهادفة للحفاظ على ثروة المياه، إن كل فرد بالخليج العربي مطالب بأن يكون أكثر فاعلية وتجاوباً مع توصيات قادة الخليج للحفاظ على الأمن الغذائي والمائي لشعوب الخليج.


m.eisa@alittihad.ae