حزمة القرارات التي اتخذتها وزارة العمل خلال نهاية العام المنصرم أحدثت نقلة نوعية في سوق العمل بالدولة، وجسدت الفكر الحضاري والرؤية البعيدة للدولة لدعم استقرار أهم القطاعات، الذي يضم أكثر من مليوني نسمة يعملون في القطاع الخاص وفي قطاعات تعتبر مفصلية وفي غاية الأهمية في مسيرة النهضة العمرانية والحضارية التي تشهدها الدولة.
ولا شك أن هذه القرارات سيكون لها انعكاسات مهمة ليس فقط على سوق العمل، بل على التركيبة السكانية والاستقرار الاجتماعي، وزيادة الإنتاجية والكفاءة والتنافسية بين المنشآت والشعور بالأمن والاستقرار وزيادة الدخل.
وتأتي فوائد هذه القرارات في دعم التركيبة السكانية من خلال عدم حاجة بعض المنشآت لاستقدام عمالة جديدة والزج بهم داخل الدولة مما يضاعف مشاكل خلل التركيبة التي نعاني منها منذ سنوات، لاسيما وأن هناك آلافاً، بل عشرات الآلاف من العمالة داخل الدولة يمكن الاستفادة منها للعمل في المشاريع القائمة والانتقال من عمل إلى آخر دون موافقة الكفيل بعد استيفاء الشروط التي حددتها وزارة العمل في قراراتها الأخيرة، والتي أعطت العامل أو المهني والحرفي الطمأنينة بعيداً عن ضغوط القلق والحرمان، بل بات اليوم يعمل لتجويد إنتاجيته وزيادة دخله، وهذا يصب في صالح العمل والسوق والمجتمع بشكل عام.
كما يعطي قرار وزارة العمل الخاص بمنح تصاريح عمل خاصة لمن هم ما بين 15 و 18 عاماً والسماح لموظفي الحكومة بالعمل في القطاع الخاص، سوق العمل بالدولة هامشاً جديداً ومهماً وحيوياً لاستغلال الطاقات الكامنة في البلد، والتي تسعى لتحسين دخلها، وزيادة مدخراتها واستثمار الطفرة الاقتصادية وحاجة القطاع الخاص لبعض الخبرات والكفاءات، سواء لفترات محدودة، أو دائمة. ولا ننسى أن شريحة الشباب بحاجة ماسة إلى مثل هذه القرارات التي تستثمر طاقاتها الفائضة فيما هو مفيد ونافع، خصوصا وأن الخاص أضحى اليوم شريكاً مهماً بل لاعباً أساسياً في مسيرة التنمية والتأهيل والتدريب.
وهذه الخطوة من شأنها أن تمثل مصدر دخل إضافي للعديد من الطاقات الشابة المقيمة في البلاد، وهناك الكثير من القطاعات الاقتصادية في الدولة بحاجة إلى هذه الطاقات والقوى والاستفادة منها بما يحقق تبادل المنافع التي تعود على الطرفين بالفائدة، وبما يعود على المجتمع بمزيد من الاستقرار والأمن والطمأنينة، والدولة ليست بحاجة إلى ضخ المزيد من العمالة الوافدة من الخارج والالتفات إلى الداخل أمر إيجابي، خصوصا أن الوظائف والمهن التي يحتاجها القطاع الخاص لا تحتاج إلى الكثير من الخبرات والمؤهلات، والمقيم في الدولة بكل تأكيد سيكون أفضل وأجدر بهذه الوظائف من القادم من الخارج الذي لا يعرف شيئا ويتلمس طريقه ويحتاج على الأقل إلى ثلاثة أشهر لكي ينتج بشكل فعلي.


m.eisa@alittihad.ae