“وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا”.. قدرة المؤمن على شحذ قوى المقاومة الداخلية لدحض الأنانية وردع الشوفينية وكبح جماح التعالي والتقوقع والانكماش على الذات.. خاصية دينية اتفقت عليها الأديان السماوية كافة والنظريات الوضعية الحقيقية، أما أن يستأنف الإنسان يومه في رشق الآخر بالشتائم، وقذفه بالحمم البركانية، وزجه في جحيم البغضاء، فهذه من قيم الجاهلية الأولى ومن شيم قانون الغاب، والحضارات، التي لا تستقي من مكرمات الآخر، لا ملاذ لها غير الفناء والاندثار والزوال إلى الأبد.
في هذا البلد على هذه الرقعة الجغرافية المباركة، رجال أسسوا القيم العالية، ونسجوا حرير المحبة لأجل كل الناس، ووضعوا الحب في مقام الجبال الشم.. المغفور له بإذن الله زايد الخير طيب الله ثراه، وعلى نهجه صاحب السمو الشيخ خليفة حفظه الله، وضعا لبنة الانتماء إلى المحبة كجسر وحيد وفريد يصلنا إلى الآخر، فسارت سفينة الاتحاد واتجهت صوب الأفق الواسع منفتحة على الآخر بشراع الود والبقاء على العهد، ومن وازع الانتماء إلى الرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة، فإن مفاصل الدولة بمؤسساتها ومسؤوليها يمضون حاثين الخطى لتكريس المبادئ السامية نفسها والقيم عالية الجودة نفسها، من هؤلاء المسؤولين يقف معالي الشيخ نهيان بن مبارك في مقدمة الصفوف بشفافيته المعهودة ولباقة أفكاره التي لا يغفل عنها مبصر، يمضي الرجل قدماً متأزراً بأخلاق النبلاء، متأبطاً لياقته الإنسانية، متكئاً على أحلام المنتمين إلى الكون الواحد، بلا تفريق ولا تمزيق، مقدماً عبرة، ومتقدماً الصفوف في تكريس ما تحلم به الإنسانية من عالم بلا خدوش ولا نعوش، عالم يرتع في عروش المحبة ويهنأ بانسجامه والتئامه في جسد واحد ورؤى وحيدة.
توقيع اتفاقية التفاهم مع مؤسسة بلير من أجل عولمة بلا منغصات ومعرفة إيمانية بلا تشوهات، لهو البذرة التي ستنبت منها الشجرة، وهي الشجرة التي ستزدهر بالأزهار، وكم هو عالمنا بحاجة إلى عبق الزهر ليثري مكاننا بالرائحة الذكية، ويطرد عنا شيطان الروائح النتنة، روائح الحقد والكراهية وما تخلفه من أشلاء ومفاصل ممزقة.. الشيخ نهيان على رأس مؤسسة تعليمية رائدة تحتضن الأكاديمي، طالب العلم، وهو أيضاً المبادر دائماً في وضع العلم في خدمة المجتمع، كما أنه المثابر في تسخير المعرفة لخدمة الإنسان باعتبارها خيط الضوء الحقيقي الموصل إلى الإيمان الحقيقي.
هذه هي الجسور التي يصبو إليها الشيخ نهيان ونتمناها جميعاً، هذه هي الثقافة الحقيقية التي تضع أجيالاً بلا فقر ولا مرض ولا جهل.. وعندما تمتد الجسور فلا يكون للجدران معنى، غير أنها تحدد مستوى التواصل بين أعضاء الجسد الواحد.


marafea@emi.ae