على قدر أهل العزم تأتي العزائم.. وتأتي على قدر الكرام المكارم
ولما كانت عزيمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليجي العربية كبيرة تخطت كل العقبات، وذللت الصعاب ومهدت الطريق لقيام مجلس التعاون، وسيذكر التاريخ حتماً جهود المغفور لهما بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ جابر الأحمد الصباح صاحبي فكرة قيام المجلس، وجهودهما المضنية التي استمرت قرابة خمس سنوات، لتنطلق بعدها أول قمة لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في أبوظبي يوم الخامس والعشرين من مايو، عام واحد وثمانين وتسعمائة وألف، منطلقة من مبادئها الأساسية التي تهدف لتحقيق التنسيق والتكامل والترابط في جميع الميادين وصولاً إلى الوحدة، وتعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون بين مواطني دول المجلس، انطلاقاً مما يربط بين الدول الست من علاقات خاصة، وسمات مشتركة، وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية، وإيماناً بالمصير المشترك ووحدة الهدف.
فتحية إجلال للقادة المؤسسين لهذا الصرح العربي الكبير، وتحية تقدير للقادة المتمسكين بنهج المؤسسين، والسير على دربهم، لخدمة أوطانهم وشعوبهم.
لقد راهن البعض على أن مسيرة مجلس التعاون لن تستمر، ونحن اليوم نتابع أعمال الدورة الحادية والثلاثين لقادة دول مجلس التعاون في أبوظبي، التي تستضيف الاجتماع السادس في تاريخ المجلس، وقد تبلور العديد من الرؤى، وتحقق العديد من الإنجازات على كافة الصعد، وتلاشت رهانات البعض، فاليوم المسيرة تتعاظم عاماً بعد عام، وتقوى وتشتد ويزداد تأثيرها في محيطها، ويعمل الكثير من الحسابات لمواقفها وثقلها ووزنها.
إن المكانة العالمية المرموقة التي تبوأتها دول المجلس لم تكن بفضل الشعارات، بل كانت نتيجة حتمية للجهود الكبيرة والمثابرة والتضحيات التي بذلها قادة دول المجلس، وبفضل حرصهم على تحقيق المصالح المشتركة، والمضي قدماً في تحقيق الرفاهية والاستقرار والطمأنينة لشعوب دولهم الخليجية، انطلاقاً من مبدأ احترام الآخر، وعدم التدخل في شؤون الغير، ودعم الشرعية الدولية، والقانون الدولي، والسلام والاستقرار، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وتسخير الثروة لخدمة ورفاهية الشعوب، ونجدة المحتاج.
إن هذه المبادئ الإنسانية العظيمة مكنت دول مجلس التعاون من تحقيق إنجازات لم يسبقها إليها أحد في قطاع التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية والنهضة الحضارية، والتي تضع دول المجلس في مقدمة دول العالم، كما جعلت متوسط دخل الفرد بالخليج الأعلى عالمياً، وهي كلها إنجازات نقدرها، وتزيد من طموحاتنا لتحقيق المزيد، وفي مقدمتها طموح الفرد الخليجي إلى أن يتحقق حلم القطار الخليجي، وشبكة الكهرباء لربط سائر أرجاء الخليج، والتكامل الاقتصادي، وتسهيل مرور الأفراد والبضائع بين دول المجلس دون عوائق أو مشاكل، والتنقل بين مدن المنطقة، وغيرها من المواضيع التي تهم الشارع الخليجي ويأمل من القادة تحقيقها، ليكون خليجنا واحداً.


m.eisa@alittihad.ae