بين قمتين واحدة رياضية منتهية، وأخرى سياسية مقبلة، تعيش دول مجلس التعاون الأيام المتبقية من العام الذي يودعنا، والذي كان حافلاً بالكثير من الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية، منها ما ترك أثره باقياً، ومنها ما غاب بتأثيراته الآنية، القمة الأولى التي سبقتها كثير من الإرهاصات والتحديات لكنها انعقدت في وقتها وحينها رغم كل الظروف، وإن كانت هي الأضعف فنياً وتنظيمياً وإعلامياً، لكنها كانت كسباً مهماً في تقريب اليمن ذلك البلد الذي يمسك خاصرة الجزيرة العربية بثقله التاريخي والديموغرافي، وما له من علائق وثيقة تمتد للجذور بأهل المنطقة وتاريخهم، فكان لبطولة كأس الخليج دور كبير في تقديم وتأهيل اليمن الرازح تحت خط الفقر، والمحاط بمعضلات اجتماعية متشابكة، لذا جاءت المكتسبات من القمة الرياضية مؤثرة وفاعلة في محاولة تحدي الإرهاب وبؤره التي تتغذى على أطراف خارجية متعددة، من قبيل تحييده أو تقويمه أو اجتثاثه من منابعه، وهو ما يعد هدفاً رئيسياً من الاصرار على إقامة البطولة في اليمن وبالذات في عدن المغيبة والتي انعزلت بشكل مخيف فيما كانت تعد من أهم مرافئ العرب وحاضرة نشطة للفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية، وإن كان المنتخب اليمني ودع البطولة الرياضية مبكراً، لكن اليمن كسب التحدي والرهان ونجح في فرض الأمن وخلق الأجواء التنافسية الأخوية.
أما قمة أبوظبي السياسية، والتي يعلق عليها المراقبون السياسيون والاقتصاديون آمالاً تنعكس على استقرار المنطقة وتطلعات المواطن الخليجي في دعم مسيرة التنمية المستدامة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي في ظل ظروف دولية متقلبة وتهديدات تعكر صفو الجوار، واستقرار السوق العالمية، كما هو حال آمال إنسان الخليج على كل قمة مقبلة أو قادمة لتفعيل الأدوار المنوطة بجهات التنفيذ في آلية مؤسسات بلدان المجلس وتسريع وتيرة التنسيق في الأمور الأساسية كالأمن والدفاع والاقتصاد والتنمية والمشاريع ذات البنية التحتية المشتركة كالمواصلات المتطورة والربط الكهربائي ومسائل الطاقة والبيئة.
بالإضافة لمسائل داخلية معلقة لاختلاف وجهات النظر بشأنها كالعملة الخليجية، ومسائل الحدود الشائكة بين دول المجلس، وإصدار جواز السفر الخليجي الموحد، والأهم من بينها هي مسائل المناهج التعليمية، بالاضافة إلى دعم وتمكين الأمانة العامة للمجلس للقيام بدور أكثر حيوية.
إن العالم اليوم يسير نحو التكتل وقيام الكيانات الكبيرة ذات التاثير القوي على مجريات القرارات الدولية، ومجلس التعاون قادر بما يملك من إنتاج واحتياطات نفطية وغاز وما يتمتع به من موقع إستراتيجي وانفتاح حضاري على العالم أن يكون وحدة متكاملة تفرض حضورها الدولي الفاعل.


amood8@yahoo.com