من المنطقة التي شهدت ولادة الإمارات كأنجح تجربة وحدوية وتنموية شاملة في عالمنا المعاصر، من منطقة الخليج العربي تخرج فرحة العرب هذه الأيام بفوز قطر باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022.
إن انتزاع قطر بطاقة تنظيم “المونديال” الكروي عن جدارة واستحقاق يعد بمثابة تغيير لمفاهيم تقليدية كانت تضع دولنا في قائمة منع الاقتراب من احتضان أو تنظيم الأحداث الكبيرة. إلا أن الإرادة الكبيرة وروح التحدي والتصميم والابتكار التي ميزت ملف الأشقاء في قطر، جعلت من تلك المفاهيم التقليدية شيئاً من الماضي، وهي تقارع دولاً كبرى كالولايات المتحدة من أجل احتضان حدث كروي عالمي بحجم بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022.
وقد كان هذا الانتصار الذي تحقق لقطر بنيل شرف تنظيم البطولة بمثابة النهاية لذلك الحاجز والخط الوهمي الذي يفصل بين ما كان يعرف بالدول الكبيرة والأخرى التي يطلق عليها الدول الصغيرة التي أكدت بإرادتها وطموحاتها وإمكانياتها التي لا تعرف حدوداً، أن باستطاعتها قول كلمتها والوقوف كتفاً لكتف مع دول كبيرة لاحتضان أحداث كبيرة وضخمة وتنظيمها بصورة تسبق بل وتتفوق على أولئك الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على العالم، وصدقوا التقسيم والتصنيف الذي وضعوا أنفسم داخله، كما وضعوا الآخرين. واعتقدوا أن غيرهم لا يستطيع الإقدام على ما قاموا به. وكان احتضان جنوب إفريقيا لبطولة كأس العالم لكرة القدم الصيف الفائت بداية تصدع تصنيف الكبار لقدرات غيرهم على تنظيم الفعاليات والمناسبات والأحداث الكبيرة.
لقد كان حرص قيادتنا الرشيدة على تهنئة الأشقاء في قطر، وإعلان الإمارات وضع إمكانياتها تحت تصرف الأشقاء هناك لأنجاح هذا الحدث العالمي، تجسيداً لنظرة أبناء إمارات الخير والمحبة للأمر باعتباره نجاحاًً لأبناء المنطقة وللعرب قاطبة. مع ما يستتبع هذا الاستضافة من تعريف العالم بالإسهامات الحضارية لشعوبنا ودولنا في الحضارة الإنسانية، وهي تمثل نموذجاً لتلاقي الحضارات والتعايش بين شعوب العالم، وهذه المنطقة من الكرة الأرضية تحتضن الملايين من البشر من مختلف أنحاء العالم، يشاركون شعوبها تأمين دوران قاطرة الاقتصاد العالمي. وهو شق لا يعرف العالم منه إلا جزء يسيراً وشيئاً محدوداً يتعلق فقط بتوفير إمدادات النفط.
وما إن ظفرت قطر بنيل شرف التنظيم حتى أعلنت عن تشمير السواعد لبدء تنفيذ الالتزامات والتعهدات التي قطعتها على نفسها، ليخرج العرس الكروي العالمي في عام 2022 بصورة تفوق ما يتخيل العالم عن قدرات أبناء قطر وأشقائهم في المنطقة الخليجية والعالم العربي في تنظيم الأحداث الكبيرة، بصورة تجسد صنيع أهل الإرادة الصادقة والهمم العالية. ومبروك لقطر هذا الإنجاز.. ومبروك لنا جميعاً هذا الفوز الذي حمل إلينا الفرح، ونحن نعيش أياماً من الفرح احتفاء باليوم الوطني للإمارات، ودرة مدننا تستضيف قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في قمة أبوظبي مهد ولادة وحدة الأسرة الخليجية، كما نعيش فرحة نجاح الأشقاء اليمنيين في تنظيم بطولة خليجي 20 بعد أن تحدوا كل الصعاب.


ali.alamodi@admedia.ae