التعود على الأشياء الجميلة نوع من الإدمان الحميد، الذي يصبح مع الزمن جزءاً لا يتجزأ من حياة الإنسان وما يمارسه في يومه من طقوس قد يعتبرها آخر أنها لا تعني له شيئاً.. فالناس فيما يعشقون مذاهب ومشارب.
فهناك شخص لا يبدأ يومه قبل تصفح الجرائد وقراءة موضوعات محددة يجدها ذات أهمية قصوى. وقد يبدأ شخص آخر صباحه بسماع المذياع وتقصي الأخبار وبخاصة السياسة، التي يعتبرها آخر أنها نكد، بما تحمله من كوارث ومذابح وبلواء تحل هنا وتحط هناك.
وشخص قد يتصبح على ممارسة الرياضة، وشخص قد لا تشرق على وجهه الشمس إلا ويقضي زمناً ليس بقليل في الاتصال بأشخاص محددين يسمع منهم الأخبار البائتة، ويطمئن على أحوال الجيران وجيران الجيران. وشخص يعشق احتساء فنجان القهوة العربية على الريق، وقد يقيم الدنيا ولا يقعدها إن لم يجدها جاهزة.
وشخص يحب كثيراً تقبيل جبين زوجه ويحسبه تبركاً ومفتاحاً للخير، وهو لا سمح الله لو صحا من نومه ولمح وجه أم العيال عابساً، فإنه يقضي يومه في حال البؤس والأسى، وقد تصادفه مشاكل في الشارع والعمل لا حصر لها، ويظل يجر خيوط الهزيمة، ويلقي باللائمة على أنثاه التي لم تعنه على نيل الفأل الطيب.
وهناك آخرون لهم من العادات السيئة نصيب وافر، فشخص لا يحرك ساكناً في صباحه إلا ويفتعل مشكلة عويصة لا حل لها مع الزوجة، ويخرج من منزله عاقد الحاجبين، لا شهية له في التعاطي مع الآخرين، ولا مزاج له حتى في إلقاء التحية على زملاء العمل.
وشخص يبدأ صباحه مجتراً كوابيس الليلة الفائتة، فتجده غائماً، جازماً أن ما رآه في نومه حقيقة دامغة قد تتحقق في أي وقت، فيصير متوجساً من أي مشهد أو منظر أو حركة تصادفه في الطريق.
وشخص نمام، ذمام، لا يصحو ولا ينام إلا على سيرة من لا يحبهم ولا يحب لهم الخير، يعارك الدنيا بأكملها من أجل الإساءة إلى غيره، ويحارب الكون ومن يسكنه ليلتقط كلمة من صديق أو رفيق تفتح شهيته لأكل لحم الغائب.
وشخص لا يثلج صدره شيء أكثر من رؤية الآخرين وهم ينصتون إلى كذبته الصباحية المعتادة، وكأن لسان حاله يقول هؤلاء المغفلون لا يحترمون إلا من يكذب على ذقونهم.
وشخص يختزل عمره في لحظة صباحية يومية، يعكر مزاج الآخرين من زملاء عمل وأصدقاء بإحصاء الأخبار السيئة والمرعبة والمفزعة، فيشعر بالراحة والاسترخاء.وخير الصباحات أن نبدأها بنشيد الفرح والتفاؤل.


marafea@emi.ae