مكرمة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله بالعفو عن 676 سجيناً، من المحكومين في المنشآت الإصلاحية والعقابية، والتكفل بتسديد ما عليهم من مترتبات مالية، وإيجاد فرص عمل للمواطنين منهم، وإعادة غير المواطنين إلى أوطانهم، وتحمل نفقات سفرهم للعودة إلى أهلهم وذويهم، تحمل الكثير من القيم العليا الحميدة، التي تتمثل في العفو، وإعطاء فرصة لمن أخطأ أن يبدأ حياته من جديد، ويسلك سواء السبيل القويم، ليكون عضواً فاعلاً، ونافعاً لأهله وأسرته في المقام الأول، ثم لمجتمعه ووطنه.
الإنسان خطاء، وخير الخطائين التوابون، ولكن لابد أن تكون التوبة نصوحة، مقرونة بإرادة عدم العودة إلى الخطيئة، وارتكاب الإثم، أو الجرم في حق النفس أولاً، وإغضاب الخالق، والخطأ في حق الزوجة والأبناء والأهل والمجتمع.
صحيح أن هناك الكثير من الأشخاص يقعون في الخطأ أو الخطيئة، إما عن طريق حب التجربة برفقة أصدقاء السوء “شياطين الإنس” الذين يزينون فعل الخطأ لغيرهم فيقعون فيه، ثم يسقطون في دوامة الأخطاء التي تقود إلى ما وراء القضبان، والندم حيث لا ينفع عندما تقع “الفأس في الرأس”، وهناك أيضاً الكثير من الحالمين الذين يتطلعون إلى جني الأموال والأرباح، والثراء دون عناء أو بذل جهد فيسقطون أيضاً في شراك الديون التي لا يطيقون عبئها، ولا تطيق عليهم البنوك صبراً فتزج بهم في غياهب السجون.
العفو قيمة رائعة، وعلى من تشمله هذه القيمة الجميلة أن يبدأ حياته بشكل مختلف يكون أساسها القناعة والرضا بما قسم الله له من الرزق والعيش، والطريق القويم هو أقصر الطرق للوصول إلى السعادة والقناعة والتصالح مع النفس والمجتمع، بعيداً عن الأحقاد والحسد والتطلع إلى أعلى، فرحم الله امرئ عرف قدر نفس وجلس من دونه، وبارك الله في امرئ رضي بما قسمه له الله فشكر، فزاده الله من الخير والرضا والقناعة.
الكثير ممن يقضون عقوبات في المنشآت الإصلاحية والعقابية ينتظرون هذه المكرمة ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية، وقد كرست قيادتنا الحكيمة هذه القيمة الرحيمة الجميلة التي تنم عن عميق المحبة وعمق روح التسامح، لإعطاء الفرصة الثانية لمن وقع في الخطأ ليبدأ من جديد، بعد خوض تجربة قلما نصفها بأنها مريرة عليه شخصياً وعلى أهله وذويه.
لقد أدخلت المكرمة السامية لرئيس الدولة السعادة والفرح لقلوب الآلاف من الأبناء والأحفاد والأخوة، أعادت البسمة إلى شفاه أطفال حرموا من رؤية آبائهم، وأشاعت الفرحة في قلوب الأمهات اللاتي ينتظرن رؤية أبنائهم ينعمون بدفء الأسرة وحنانها، خصوصاً ونحن مقبلون على شهر الرحمة والمغفرة والتسامح.
حفظ الله قيادتنا الحكيمة الرحيمة، ودعواتنا لأخوتنا وأبنائنا أن يلهمهم الله سواء السبيل والطريق القويم ليكونوا على قدر المسؤولية والثقة والآمال التي تنتظرها منهم القيادة والوطن.


m.eisa@alittihad.ae