يبدو أن بعض الذكور لا يستوعب المعنى الحقيقي لكلمة “ رجولة” ويخلطها مع مفهوم الذكورة، مع أن الكلمتين مختلفتان بالمعنى وإن تشابها في الموصوف، وتجد هؤلاء تحديداً أكثر الناس ترديداً لعبارة “ أنا ريال”! تعلمت على يد الرجل الذي رباني أن الفرق كبير بين المفردتين، أن تكون ذكراً تحمل صفات الذكورة الواضحة من “شنب و لحية” لا يعني بالضرورة أن تكون رجلا .. فالرجل هو الذكر بمواصفات أخلاقية معينة .. وليست مجرد ذكر يرتدي “الكندورة” و”ينسف الغترة”. الرجولة تفنيد أخلاقيات يتحلى بها بعض من الذكور اليوم، هي خليط الأخلاق الإسلامية الفاضلة مع “ سلوم” المجتمع و”سنع “ الرجال. حين يكذب الذكر، حين يمكر، يخدع ويراوغ زوجة تحبه بعمق أو صديقاً يرتجي منه معروفاً، حين يفعل ذلك تغيب الرجولة. حين ينسى معنى القوامة الحقيقي على المرأة، فيتركها سجينة طلبات أطفاله ومشاويرهم للمستشفى وطلباتهم من الجمعية ومتابعة نزهاتهم ودراستهم وحياتهم، حين يستنزف امرأته مادياً ونفسياً وعاطفياً.. تغيب الرجولة. حين يتسلط على امرأة تحمل اسمه، فيقرر أنها للفراش وقتما يشاء، وأنها للمطبخ كلما استلذ صحناً، وأنها عاملة للكي والكنس متى ما احتاج المنزل، ثم يجدها كيس ملاكمة قابلا للرفس والضرب والتكسير والشتم والقذف وينتظر منها الصمت إزاء ذلك.. تتلاشى الرجولة. يعتقد أن مجرد كونه ذكراً يعني سلطة قانونية للتجبر على أخوات مكسورات في عهدته، فيرفض دراسة هذه، ويقف في طريق زواج هذه، ويمنع عمل هذه .. تغيب الرجولة. يرى نفسه رجلا، ذكورته تسلطه على أب مسكين، وأم حزينة، يأكل .. يشرب.. و”يمش ايده ف الطوفة” لا يدفع فلساً في بيت والده، ويعيش مستهلكاً الماء والكهرباء وتنظيف ملابسه وطعاماً مجانياً، وفوقها يطلب طلبات إضافية و”يشحت” مصروفا فوق راتبه الذي ينتهي قبل نصف الشهر.. في هذا الموقف بالله أين الرجولة؟! لو زار بيته أو بيت والده ضيف، تهرب من استقباله، هرباً من الجلوس بجوار أبيه، وفي صدره تتردد عبارة “ شو يبا هذا ياينا الحينه.. أوف” .. حينها تضمحل الرجولة. أن يسمح لزوجته بأن تقود نفسها على الغارب، تتأخر حتى منتصف الليل، تدور في الأسواق بلا داع، تتعامل كمراهقة تكتشف الحياة، ملابسها شفافة، عباءاتها مخرمة ذات سلاسل، مكياجها صارخ، ضحكتها ماجنة ومظهرها فضائحي.. يمشي هو بجوارها يعرض “شرفه” بابتذال.. هنا على الرجولة السلام. الرجولة أخلاق ومعان، بدأت تتلاشى للأسف من أجيال الشباب الجدد، ترى أهو نمط الحياة الجديد، أم هي تربية المتعلمين المترفين تركز على توفير الاستهلاكيات والتفوق في المدرسة واللغة الأجنبية وتغفل تربية الأخلاق والمعاني السامية في النفس؟ تساؤل يدور في نفسي حين تصلني أفعال الذكور وأتحسر على “ندرة الرجال” في زمن وصل فيه بعض الذكور للهرب من فطرتهم الخشنة إلى النعومة والغنج والدلع الانثوي.